يده لم يترك له شيء، ومن الأشياخ من قال: يستظهر بأن يترك له نفقة اليومين والثلاثة خوفًا من غسله أو مرضه في غده وما بعْدُ، بالأيام اليسيرة.
وأما الكسوة فإنّه يترك له كسوته وكسوة أولاده الصغار. وشك مالك في كسوة زوجته: هل تترك له أم لا؟ على أن بعض أشياخي يضيف الشك في هذا إلى ابن القاسم الناقل عن مالك هذه الرواية أنه شك: قال له مالك: وكسوة زوجته، أو لم يقل له ذلك؟ وأكثر المصنفين على إضافة هذا الشك إلى مالك.
وقال سحنون: لا تترك له كسوة زوجته فيما يستأنف وأمَّا ما كان عليها قبل قيام الغرماء فيترك لها.
وكأن الإشكال وقع في الزوجة لأن كسوتها ونفقتها وجبت على الزوج على جهة المعاوضة، فإذا لم يكسها الزوج أصلًا طلقت عليه، فلم يلحقها الضرر في ترك الكسوة ويلحق ذلك ببنيه الصغار.
على أن الكسوة لها ثمن فوق ثمن غذائهما أيامًا، وتستديم لباسَها المدة الطويلة التي قد يَثرى الزوج المفلس فيها ويستغني. ولو كان على المفلس كسوة تقع كسوة مثله بدونها لبيعت عليه، ويُشترى له ما يليق به من لباس مثله على حال ما هو عليه.
وأما ثياب جمعته، فإن الأصل كونها تباع عليه كما قدمنا، لأن ذلك أمر خارج عما أصلنا من اعتبار حفظ نفسه بالغذاء أو اللباس، وكسوة الجمعة إنما هي للجمال. لكنه في المدونة لم يوجد (?) بيعها عليه إذا لم يكن فيها فضل.
وهذا متعقب، إلاَّ أن يكون مِمّن يلحقه ببيع ثياب الجمعة مضرة ومعرة، لم يدخل معه الغرماء عليها، فإن القول بأنها لا تباع عليه له وجه، لأن الذي أصلنا يشارك التعليلَ الأول فيه تعليلٌ ثان، وهو ما علم من مقتضى العادة في معاملة الغرماء.