يُمَكَّن الذي غُصبت منه السلعة من إجازة البيع، خلافًا للمشهور من مذهبنا.
وقد حكى ابن شعبان عن بعض أصحابنا: أنه يرى في ذلك ما رآه الشافعي من كون بيع الغاصب يفسخ على كل حال وقد كُنَّا قدّمنا نحن في غير هذا الموضع أن النهي إذا كان لحقوق الخلق لم يؤثر فسادًا في العقد قياسًا على المصرّاة. والنهي هاهنا راجع لحقوق الخلق.
ثم قد تقرر أن الحاكم إذا انتزع مال المفلس من يديه وحجر عليه التصرف فيه لحق الغرماء، صار ذلك كالرهن يرهنه من له الدين فبيع الراهن فيه لا ينفذ، وقد تعلق حق الورثة بمال من يرثونه إذا مرض، ثم لو باع جميع ماله بأعواض لا محاباة فيها لمضى بيعه، ولم يمنع من ذلك تعلق حق الورثة بماله مع كونهم يستحقون غير ما في يديه ولا يستحقون في ذمته شيئًا؛ بخلاف المفلس الذي يستحقون حقوقهم في ذمته لا عين ما في يديه بل مقدار ما في يديه. فإذا جاز للمريض في ماله عقود المعاوضة، فكذلك يجوز للمفلس المحجور عليه. لكن الحجر على المفلس أضيق من الحجر على المريض، ألا ترى أن المريض له أن ينفق من ماله في الأشربة والأدوية وطيّب الطعام، ما ليس للمفلس أن يفعله، وإنما للمفلس ما يفرضه القاضي من قوته، على ما يبسط في كتاب التفليس إن شاء الله تعالى. وهذا يقتضي القدح في قياس المفلس على المريض لكونهما يختلفان في السعة والتضييق. والذي ذكرناه عن الشافعي فيما يتصرف فيه المفلس ويعقده على نفسه في المال الذي حُجر عليه فيه من بيع أو شراء هو بنفسه قال فيه قولين:
أحدهما إبطال هذه العقود. والثاني كونها موقوفة على اعتبار ما يظهر بعد
قسمة المال: هل تفضل أو يطرأ مال تخرج منه هذه العقود كلها؟
قال: وبهذا يفتي وعليه يناظر. ووجهه ما أشرنا إليه من كون التصرف لم يصادف مالكًا محققًا يجوز له التصرف فيه، فصار تصرفه باطلًا كتصرف الإنسان في مال غيره بغير إذنه. فإذا قيل بهذا المذهب الذي هو إبطال العقود في الحال