خدمة العبد إلى أجل ليس فيها إن بيعت ما يقضى منه الدين، ونقص ثمن الخدمة عن ثمن الرقبة إن بيعت بالنقد. وكذلك ليس له أن يدبّر عبده أيضًا، على حسب ما قلناه من العتق المؤجل، وكذلك ليس له أن يهب أو يتصدق أو يحبّس، لأن جميع ذلك إبطال لحق الغرماء ونقص من المال الذي استحقوه.
وأمّا العقود التي بغير معاوضة ولكنها لا تنقص المال، كطلاقه لزوجه وخلعه ولعانه واستلحاق نسب أو نفيه، أو عفوٍ عن جراح عمد أو عن حدّ وجب له، فجميع هذا لا يناوله (?) الحجر عليه.
وأما عقود المعاوضة التي هي بيع وشراء، فإنها موقوفة على ما هو أوفر للغرماء وأقرب إلى استيفاء حقوقهم إذا كان البيع والشراء مصروفاً إلى المال الذي وقف. وأما إذا كان مصروفاً إلى ذمته وعقد ذلك على وجه جائز كسَلَم يسلم إليه فيه إلى أجل بعيد، يصح العقد عليه أو ما في معنى ذلك، فليس لغرمائه أن يمنعوه من ذلك لأنه لا يعود بانتقاص المال الذي استحقوه. فإن باع بيعًا بعد الحجر من السلع التي وقفت للغرماء، فإن رأى القاضي أن أخذ أثمانها أوفر للغرماء وأفيد من فسخ البيع أمضاه، وإن رأى أن فسخ البيع والنداء على السلعة أوفر للغرماء وأفيد فعل ذلك.
فكذلك سبيلك فيما اشتراه على أن يؤدي ثمنه من المال الموقوف.
واختلف قول الشافعي في هذه المسألة: فرأى مرة أن عقوده هذه على الوقف حتى ينظر فيها: هل يفضل بعد قضاء ديونه فيمضي عقده فيهما؟ أو ينقص فينظر في عقده أيضًا.
وقال أيضًا قولًا ثالثًا: إن عقوده تفسخ على كل حال. وكأنه رأى أنه لمّا حيل بينه وبين ماله، ونهي عن التصرف فيه، صار عقده عقدًا منهيًا عنه يدل على فساد المنهي عنه. وهكذا مذهبه فيمن غصب سلعة فباعها أن البيع يفسخ ولا