يخاطب تعالى سائر الذين في ولائهم من يجب الحجر عليهم بأن (?) يؤتوهم أموالهم إلى أن يبلغوا ويعلموا رشدهم فيدفعوا إليهم أموالهم. فجعل الدفع إليهم (?) لم يعتبر في ذلك حكم قاض. فكأن القاضي أبا محمَّد عبد الوهاب (?) أن الأحوط لمال اليتيم أن يكون الدفع بحكم قاض لأن السفه والرشد قد يفتقر فيهما إلى اجتهاد، فقد يعتقد الوصي رشد من في ولأنه، وأنه قد صار في حيز من يصون ماله وينميه، والأمر بخلاف ذلك في الباطن. فإذا صُرف ذلك إلى القاضي استقصى الأمر فيه بحسب الاجتهاد ولم يوقع الحكم إلا بعد ثبوت ما يوجبه. وإن كان الأمر في ذلك يناط بالوصي فلا يحكم القاضي بارتفاع الحجر حتى يعذر إلى الوصي ويرى ما عنده. فقد صار ذلك مُناطًا بالوصي، فلهذا رأى مالك رحمه الله أن للوصي دفع ماله من غير افتقار إلى حكم حاكم.
وقد وقع لسحنون ما ظاهره يؤكد ما قلناه من (?) الأمر مناط بالوصي، وبنى، على قوله، فقال في رجل أتاه يتيمه فأخبره أن أباه استوصاه عليه وأنه تبين منه الرشد، وسأله في الحاكم (?) بإطلاقه. فبنى سحنون الحكم على أنه أتى فلان ومعه فتى ذكر أن اسمه فلان بن فلان، وأن أباه استوصاه عليه، وأنه قد تبين رشده، فأمرته بأن يدفع إليه ماله وأبرأته. فهذا إن أخذ على ظاهره صح إسناد الحكم إلى قول الوصي من غير أن يثبت ذلك عند القاضي. والأمران القاضي لا يحكم برشد المحجور عليه بمجرد خبره، وأنه المستحق النظر له (عندي رشد) (?).