يرني بلغت" على أنه أراد: بلغت إطاقة القتال.
وأصحاب الشافعي يقولون: إذا أطلق ذكر البلوغ فما يحمل إلا على بلوغ الحلم، وأما بلوغ ما سوى ذلك فلا يذكر إلا مقيدًا بأن يقال: بلغت كذا وبلغت كذا.
وأما كون الحيض في النسوان علمًا على البلوغ فإن ذلك لا يختلف فيه.
وقد جعله الله سبحانه دلالة على براءة الرحم من العمل في العِدد والاستبراء.
وكذلك لا يكون الحمل إلا بعد البلوغ. وقد أخبر عليه السلام بعلة كون المولود ذكرًا أو أنثى، فقال "إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثى بإذن الله" (?).
والجواب عن السؤال العاشر أن يقال:
أمّا مجرد البلوغ فلا يكون علمًا على حصول الرشد دون اختبار اليتيم حتى يعلم رشده، كما قدّمناه في مقتضى قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}. فإن معناه: فاختبروا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن علمتم منهم رشدًا. وذكرنا الخلاف في هذا الاختبار: هل يقع قبل البلوغ أو بعده؟ وكان بعض أشياخي يحمل على المذهب أن فيه اختلافًا في هذا، وأن أحد القولين كون البلوغ بمجرده دليلًا على الرشد لكون الغالب من بني آدم الحرص على جمع المال وصيانته وتنميته، وإنما يوجد فيهم من هو بخلاف ذلك نادرًا، والأحكام تتعلق بالغالب. وكان بعض أشياخي يحكي عن بعض أشياخه أنه يسير إلى إنكار هذا التخريج، ويقول: إنما قال في المدونة إذا احتلم الغلام فليذهب حيث شاء، وأزال ولاية أبيه عنه بالاحتلام من تدبير نفسه وصيانة مهجته إذ الولد إذا بلغ عاقلًا أَمِن عليه أبوه أن يلقي نفسه في مهواة أو