شرح التلقين (صفحة 2581)

التشكك والإشكال، مثل خمس عشرة سنة، ففيه اختلاف الناس: فالمشهور عندنا ثماني عشرة سنة.

والشافعي يقدر ذلك بخمس عشرة سنة. وأبو حنيفة يفرق بين الذكور والإناث فيقول: في الذكر سبع عشرة سنة. والإناث تسع عشرة سنة. والتحاكم في هذا الاختلاف يرجع فيه إلى العادات فقد تختلف أهوية الأقطار والجهات، وأمزجة سكانها في هذا التقدير.

لكن الشافعي يستند إلى قول ابن عمر: "عُرِضت على النبي عليه السلام عام أُحد وأنا ابن أربع عشر فردني ولم يرني بلغت، وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني" (?).

وقد تقرر في علم الأصول أن الراوي إذا نقل حكماً وذكر سببه، فإن ذلك السبب يكون علة الحكم على الجملة كما روي أنه سها فسجد، فجعل السهو علة في السجود، وكما روي أن ماعزًا زنا فرجم، فجعل الزنا علة في الرجم.

فكذلك قول ابن عمر: "عرضت عليه وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني ولم يرني بلغت" (1). فإن هذا يشير إلى أن عدم البلوغ علة حكم الرد، ووجود البلوغ علة الإجازة.

وأصحابنا يتأولون قوله: "ولم يرني بلغت" في الحين لطاقة القتال، ويؤكدون ذلك بقول سمرة بن جندب: "عرضت على النبي عليه السلام وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني (وعرضت عليه متأخر ما جازه) (?)، فقلت: يا رسول الله، أجزت هذا ورددتني ولو صارعني لصرعته، فأذن عليه السلام في صراعنا فصر عنه، فأجازني" (?).

وهذا يقتضي إنما اعتبر في هذا إطاقة القتال، ويجعل قول ابن عمر "ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015