يجب على البالغ العاقل الرشيد. بخلاف إقراره بما يُلزم غرامة في ماله. والعلة في ذلك أنه لا يتهم مع وجود العقل عاقل -سفيهًا كان أو رشيدًا- أن يقرّ بما يؤدي إلى قتله أو قطع يده، وهو يقول في ذلك الكذبَ ويتعمده.
وأمّا المال فيتهم في ذلك السفيه أن يعطيه إنسانٌ دينًا يستعجل إنفاقه ليتلف ما (?) في يد وصيه لهوانها عنده لكونه ممنوعًا منها، وحاله في ذلك كحال العبد. أو أقرّ بمال ما لزمه ذلك إذا كان محجورًا عليه، ولو أقر بما يوجب قتله قصاصًا منه لأخذ بذلك ولم يتهم فيه.
وأما عفْوهُ عن غيره فيما وجب له من هذه المعاني: كرجل قذفه فوجب أن يحدّ، أو جرحه محمدًا فوجب أن يقتص منه، فإن المذهب على قولين: أجاز ابن القاسم عفوه عنه لمّا كان ذلك ليس بمال وإنما يصدق (?) عليه الشرع المال بجهله بمقداره والحاجة إليه. وأما عرضه فلا يلزم أباه أو وصيه أن يرد عفوه عنه إذ ليس بمال فيتلفه.
وقال مطرف وابن الماجشون: لأبيه أو وصيّهِ ألاّ يجيز عفوَه، ويطلب حقه في عِرضه وفي القصاص الذي يجب، ولو كانت التي جُرحها خطأً، فاجاز عفوه عن ذلك؛ لأنه إنما يجب له فيها مال، وليس له أن يتلف ماله ويهبه، ولو كان الجرح جرحًا أدّى إلى موته فعفا عنه عند احْتضاره عن قتل جارحه، وكان اللازم لقاتله الدية، فإن ذلك يكون في ثلثه، كما تنفذ وصايا الصبي في ثلثه، لأن بالموت استغنى مالك المال عن صيانته عليه، بخلاف عفوه عن مال يحتاج إليه إذا بقي حيًا. ولو كان الذي أدّى إلى قتله إنما يوجب القصاص لجاز عفوه فيه، لا سيما على مذهب ابن القاسم الذي أظنه يرى أن الدية في قتل العمد (?) إلا برضا القاتل ورضا ولي المقتول. وأمّا على طريقة أشهب الذي يرى أن لولي