شرح التلقين (صفحة 2575)

الجنون يوجب رفع الحجر من غير افتقار إلى حكمٍ: إن هذا المجنون إذا بلغ مجنونًا فإنه يجب اختبار حاله بعد ارتفاع الجنون ليعلم هل هو رشيد أم لا؟.

قال: وإن بلغ رشيدًا ثم جنّ ثم عقل فإنه وإن ارتفع الجنون عنه -وقد كان قبله رشيدًا- لم نأمن أن يكون الجنون غَيَّرَ مَيْزَه وسَدَاد رأيه في تصرفه فيفتقر فيه أيضًا إلى اختبار زوال العقل: هل زال على صورة عاد معها العقل إلى الحال الأول، أو زال على صورة نقص العقل فيها عمّا كان عليه قبلَ ذلك؟. وهكذا رد عليه في المجلس بأن أشار أيضًا إلى هذا المعنى بأن التفليس والتحجير على الإنسان في ماله، ومنعه مما اعتاد فيه يوجب تغيير مزاجه وميزه، وقد يأسف على أن يكون لم يتلف ماله في اللذّات حتى لا يحال بينه وبينه. فيجب أن يفتقر فيه إذا ارتفع الحجر عنه هل يتغير ذلك الذي عرف عنه قبل الحجر أم لا؟ وذكرنا عنه أن السفيه البالغ لا يخرج عن ذلك إذا رشد إلا بحكم. وكنا حكينا عنه أن السفيه المهمل تمضي أفعاله، كما حكاه ابن القصار هناك وهاهنا عنه.

فلعلّ هذا الذي قاله في سفيه بالغ حجر عليه بحكم، وبعض أشياخي المحققين يرون أن الصواب اتباع العلة؛ فإذا رشد من حجر عليه بحكم جازت أفعاله وإن لم يحكم بارتفاع الحكم الأول لوجودِ العِلة التي توجب الحكم الثاني، وكذلك يرى أن السفيه المهمل، الصواب فيه (?) قال ابن القاسم: من رد أفعاله لأن الحكم بالإطلاق إنما هو ثمرة الرشد ومعلوله، وكذلك التحجير شدة السفه ومعلوله، فلا معنى لاطّراح العلل والالتفات إلى المعلول دونها.

والجواب عن السؤال الثامن أن يقال:

أمّا ما يتعلق ببدن السفيه البالغ ولا علاقة بينه وبين ماله، فإن إقراره به لازم له كما يلزم العاقل الرشيد، مثل أن يقرّ بقتل رجل محمدًا، فيجب عليه القصاص، وقطع (?) عضو منه، أو جرح محمدًا، فإن القصاص واجب عليه كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015