وكذلك لو هُدّد رجل بالقتل إن لم يقطع هذا الرجل المهدّد يد نفسه، فقطعها، ففيه اختلاف أيضًا: هل له أن يقتص من المكرِه له على ذلك فتقطع يده به أمْ لا؟
والجواب عن السؤال التاسع عشر (?) أن يقال:
إذا ادعى رجل على رجل أنه غصبه شيئًا، وأنكر المدعى عليه، فإن القول قول المدعى عليه، قياسًا على سائر الدعاوي في الحقوق. إلا أن يقيم عليه بينة فيقضى بموجب شهادتها. وقد ذكر في المدونة في المدعي على رجل أنه غصبه سلعة، فأنكر ذلك، فشهد للمدعي شاهدان، أحدهما شهد بأن السلعة، التي ادعاها من زعم أنها غصبت منها (?)، ملك لهذا المدعي، وشهد آخر أنه عاين غصْب هذا المدعى عليه لها من يد المدعي، فذكر أن هاتين الشهادتين لا تلفَّق، إحداهما إلى الأخرى. وإنما قال ذلك لأن الشهادتين إنما تلفَّقان إذا استوت معانيهما، واتفقت موجباتهما. والذي شهد بالملك لو انفرد لم يُقضَ للمدعي بما شهد به له الآخر (?) يحلِف مع شهادته. ولا يقتصر في اليمين على شهادته، وأنه صادق فيما شهد به، إلا بأن يضيف إلى ذلك ما باع ولا وهب.
أو (?) انفرد الشاهد بالغصب لحلف المدعي على أنه صادق في شهادته، ولم يلزمه أن يضيف إلى هذا أنه ما باع ولا وهب، لأنه إنما شهد بالحوز، وكون الشيء المغصوب بيد المدعي، فأخذه المدعى عليه من يده بغير اختياره.
وهذا لا يتضمن الشهادة بالملك لأن رؤية الشيء في يد مَن هو في يديه زمناَّ قَليلًا لا يدل على أنه مالكه، وإنما يدل على أنه مالكه طول السنين الكثيرة، ولم يَرِد مدع في هذا الذي حازه الحائز ولا نوزع في ذلك، وشاهد تصرفه فيه تصرف المالك، ويستمع دعواه أنه لنفسه، وملك له، ولا أحد ينكر ذلك. فقد