شرح التلقين (صفحة 2541)

إن لم يقتل رجلًا مسلمًا، لا تحل إراقة دمه، فإنه لا يحل له ذلك، إذ لا يفدي نفسه بإتلاف نفس رجل آخر. فإن فعل وجب عليه القصاص، وفي المكره له والآمِر له بذلك، مِمّن لا يقدر على مخالفته، اختلاف: هل يجب عليه القصاص أم لا؟

ولو هَدَّد رجل رجلًا بالقتل، أو بإتلاف عضو، على أن يأخذ مال رجل فيحرقه أو يغرقه، ففعل ذلك، فإنه يضمن هذا المال، لأنه وَقَى به نفسه، فلزمه غرامة ما وقى به نفسه من مال غيره.

ولو هَدَّده بذلك، على أن يأخذ مال رجل فيحمله إلى الذي هدده بالقتل، فإن المأمور لا يضمن ما حمل من ذلك إلى الغاصب، وإنما يطلب بذلك من صار الم الذي يده ظلمًا. ذكر ابن سحنون، في كتابه، هذين السؤالين، فحكى عن أبيه، في السؤال الأول، أنّ يتلف (?) المال يضمنه. وذكر عن نفسه في السؤال الثاني أن المأمور لا يضمن.

ولا يتحقق بينهما فرق إلا كون المحرق أو المغرق لمال غيره باشر التلف بيده، ولم يحصل للمهدّد له بذلك غير الأمر، فصار كالسبب الملجئ إلى التلف، وإذا اجتمع في الإتلاف مباشر للتلف وسبب في التلف كان المباشر أوْلى بالتضمين. والمأمور بأن يحمل مال رجل إلى الآمر له بذلك قد هدده،

إن عصاه، بأن يفعل به ما ذكرناه، لم يباشر التلف، وإنما يتلفه الذي حصل في يديه، فصار إلى صاحب المال مرجع بغرامة ما حصل في يديه.

وهذا كله يجري على ما وقع في المسألة المشهورة التي ذكرناها في كتاب الرجوع عن الشهادات، في شاهدين شهدا عند القاضي بما يوجب قتل رجل مسلم، فلما قتله رجعا عن الشهادة، هل يقتصّ منهما أوْ لا يقتص؟ فيه الخلاف المشهور الذي ذكرناه، وهو كاختلاف (?) في المكره لغيره على أن يقتل رجلًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015