التمكين من وطئها بشهادة بيّنة عاينوا ذلك، فإنه يقضى لها بالصداق، ويحد واطؤها، ولا يقبل في ذلك أقل من أربعة شهود، وإن قصُر عددهم عن الأربعة حُدّوا حدّ القذف، ثم يكون القضاء لها بالصداق أو القضاء عليها بسقوطه، يؤخذ حكمه من التفصيل الذي نذكره.
فاعلم أن المرأة إن لم يشهد الشهود بمعاينة وطئها مغلوبة على ذلك، وإنما شهدوا بمعاينة إدخالها البيتَ أكرهت على ذلك، وخَلاَ بِها المكرِه، فخرجت فادعت الإصابة فإنه يقبل ها هنا شهادة رجلين، لأنهما لم يشهد المعاينة الزنى فيكونان كَقَذَفَةٍ، وإنما شهدا بصفة حالٍ اقتضت العوائدُ أنه يدل على أنها وطئت، فإذا خرجت، وقالت: وطئني، صدّقت مع يمينها. وأُجري ذلك مجرى إرخاء الستور على الزوجة وادعت الوطء، فإنها تصدق لدلالة العادة أن الخلوة على حال إنما يقصد بها الوطء، يوجب تصديق الزوجة، ولشهادة العادة بصدقها. فأما إن لم تشهد بينة بالوطء اغتصابًا ولا حملها للخلوة بها اغتصابًا، وإنما جاءت متعلقة برجل زعمت أنه وطئها، فإن المعتبر في هذا دلالة قرائن الأحوال، ففي أي الجنبتين ثبت الدليل قضي بتصديق من شهد له هذا الدليل: إمّا الرجل المدعى عليه ما ذكرناه، أو المرأة المدعية لذلك. وإنما (?) افترقت الأدلة في الجانبين استعمل الترجيح، على حمسب ما يعرفه الأصوليون والفقهاء من الترجيح عند تعارض العلل والاستدلالات الظنية.
هذه النكتة التي يدور عليها ما نذكره من تفصيل الأحوال وسبب الخلاف بين العلماء.
واعلم أنها إذا دلت الدلالة على كذبها حتى وجب أن تحد حد الفِرية، لقذفها من تعلقت به، فإنه لا يجب لها صداق على الإطلاق. وإن انتفى الحد عنها فقد يجب الصداق في حال، ولا يجب في حال. فإن تعلقت برجل به ما ادعت به عليه، فإن مالكًا صرف ذلك إلى اجتهاد القاضي. وكأنه لم يحسن عنده