لا ربا فيه. ويؤكد ما تأولُوهُ أن ابن القاسم على ما رواه أبو زيد عنه، أن هذا المختلط يباع ويقتسمان الثمن على القيم. وروى عيسى عنه في العتبية، فيمن خلط قمحًا بشعير تعديًا، وذهب فلم يُعرَف، قال: يباع ويقسم الثمن على القيمة. واستحب أن لا يقسماه على الكيل. فأما سحنون فإنه لما منعهما من رفع التضمين للغاصب إلى أن الخلط كالإِفات للعين، فإنما يجب لهما على الغاصب مثل ما تلف على كل واحد منهما، ولا يلزم تسليم المختلط لأنه صار بالخلط كالفائت العين، ولهذا قال سحنون، فيما ذهب إليه: والتمثيل لهذه المسألة في رجل غصبه خشبة، وغصب نجارًا عملها: أن النجار وصاحب الخشبة لا يكونان شريكين فيهما، وإنما الواجب فيها القيمة على الغاصب. فهذا قد يشير إلى منعهما من رفع العداء لحق الغاصب ألاّ يُؤخذ منه غير ما وجب عليه. وعند ابن القاسم وأشهب أن التضمين للغاصب حق لهما، ومن له حق فله إسقاطه. وان تصوِّر في هذه المسألة، مع كون الحق لهما في التضمين، حقُّ الله سبحانه، فإنما يُتصوَّر ذلك في أنهما إذا ملك كل واحد منهما أن يأخذ مثل ما أُتلِف عليه، فعدل عن ذلك إلى القناعة بأن يباع المختلط ويأخذ من ثمنه بمقدار قيمة ما أُتلف عليه، صار ينتقل عن معلوم يأخذه إلى مجهول، وهو الذي ينوبه في التقويم، ومن ملك معلومًا فليس له أن يعدل عنه إلى مجهول، لأن ذلك غرر، والغرر ممنوع.
على أن هذا الأصل فيه اضطراب في المذهب، فمن ذلك ما ذكروه في الاستحقاق لأكثر الثياب المبيعة: أنّ المشتري له رد بقية الصفقة، ويأخذ ثمنه الذي هو معلوم، وليس له التمسك ببقية الصفقة لقيمة (?) ما تمسك به، لأنه انتقل من أخذه الثمن المعلوم إلى تمكينه بقيمة مجهولة .. هذا هو المشهور.
وإن كان عندنا فيه خلاف.