وأنكر الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد هذا وقال: كيف يضمن، ومجرد الخلط لا يوجب ضمانًا والفساد لم يقع؟
وهذا الذي استبعده الشيخ أبو محمَّد من قول أشهب ربما ظهر له وجه يليق بالمذهب.
وقد ذكر في المدونة، فيمن اكترى على حمل دُهن، فشده الحمّال بحبال ضعيفة، فهلك وقد خرج به، ووصل العريش فهلك حينئذٍ، أنه يضمن قيمة (?) يومَ شدَّه لا يوم هلكَ. وقدر أنه لما فعل ما تعرض به إلى هلاك الشيء صار ضامنًا له بتعريضه للهلاك وإن لم يهلك. وقد يُقوَّى هذا القول بالمترقَّبات إذا وقعت كأنها واقهعة من يوم السبب الذي أوقعها، وحصلت عنده.
على أن مسألة العريش قد وقع فيها ما نتخوفه من الضياع بسبب قد تقدم. والذي ذكره أشهب لم يقع بالتخوف منه من الإفساد بالخلط، لكنه إذا أضيف إليه التعدي لحصول السبب، صار ضامنًا وإن لم يحصل السبب. على أن الذي قاله الشيخ أبو محمَّد أظهر.
وأما إن خلط الشيء بمثله، مثل أن يخلط زيتًا بمثله، فإن في هذا اختلافًا: هل من حق المغصوب منه الزيت أن يأخذ الزيت الذي غُصب له من عين هذا المخلوط، أو ليس له ذلك وإنما له مثل ما غصب؟ فمذهب أشهب أن له الأخذ من عين الزيت المخلوط و (?) يترك ذلك ويقبل ما يعطَى من غيره مما هو مثل ما غصب له. وذلك أنه قال، في رجل خلط زيتين لرجلين غصبهما منهما جميعًا، فضاع بعض الزيت، قال أشهب: