وذلك كخلط جوز بقمح، أو رمان يجوز، أو تفاح بالترنج، فإن الغاصب يكلف تمييز ما غصبه مما خلطه به، ليتمكن من رده إلى صاحبه. وإن لم يمكن التمييز إلا بخسارة إجارة، أو غير ذلك، فغرامة ذلك على الغاصِب، لأنه ظالم، وفعل في مال غيره، تعديًا منه، ما أحوجه إلى إجارة يغرمها في تمييزه. ولكن يجب أن تُعتبر هذه المشقة في التمييز. فظاهر مذهبنا أن المشقة إذا عظمت، والخسارة إذا كثرت، حتى كاد ذلك بري (?) على قيمة المخلوط، فإن ذلك يصيِّر المخلوط في معنى الهالك التالف، ولهذا قال أصحابنا: إذا خلط الغاصب قمحًا بشعير ضمن لصاحب القمح مثل قمحه، ولصاحب الشعير مثل شعيره. ولم يقولوا: يُكلَّف الغاصب التمييزَ.
وبعض أصحاب الشافعي ذكر هذه المسألة، ومثل بالقمح والشعير، وجعل الحكم فيه التمييز.
وهذا عندي قد لا يختلف فيه، إذا عظمت المشقة حتى كاد التمييز يستحيل، أن ذلك في معنى الهالك.
وإن قلا (?) الطعام حتى يمكن تمييزه، ولكن بعد مشقة، فإن ذلك مما لا يمتنع أن يكون الواجب تمييزَه.
وأما إذا كان أحدهما يفسد الآخر، فوقع الإفساد فلا شك في التضمين، ووجوب الغرامة على الغاصب.
وإن لم يقع الإفساد، ولكنه تعدى في غلط (?) ما يسري إلى الإفساد، فضاع قبل أن يفسد، وليس بغاصب، فيضمن بمجرد الغصب. فإن أشهب ذهب إلى تضمين هذا المتعدي في الخلط بمجرد الضياع وإن لم ينته الأمر إلى الفساد.