عند ابن القاسم وأشهب.
وسنتكلم على تفصيل ما وقع من خلاف في بعض تغيرات (?) الغاصب عندنا، بعد أن نذكر سبب الخلاف بين فقهاء الأمصار على الجملة.
فأما مذهب الشافعي ومن وافقه من أصحابنا في بعض فروع هذا الأصل، فإنهم يرون أن التمليك فعل شرعي والغصب فعل ليس بمشروع، فلا يُتوصل بأمر غير مشروع منهي عنه إلى أمر مشروع وهو نعمة من الله سبحانه وإحسان، والغصب إثم وخسران. وقد اعتمد ابن القصار، من أصحابنا، وغيره من أصحاب الشافعي على التعليل بظواهر أحاديث، منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه" (?) وإذا أبقينا دقيق القمح المغصوب في يد غاصبه لم نجعل عليه رد ما أخذت يده.
وكذلك قوله عليه السلام: "لا يحل مال امرى مسلم إلا عن طيب نفس منه" (?) فإذا قضينا لصاحب القمح بمثله بدلًا من الدقيقال في صار عن قمحه -ولم يكن فيه أكثر من تفريق أجزاء القمح- وأجزاءُ القمح لم يذهب عينها، وأعطيناه بدلها صونًا- استحللنا ماله بغير طيب نفس منه.
وأصحاب أبي حنيفة يقابلون هذه الظواهر بما رواه عاصم بن كليب أن النبي عليه السلام: "كان في ضيافة رجل من الأنصار، فقدّم إليه شاة مصلية، يعني مشوية، فأخذ منها لقمة يلوكها، فلم يسغها فقال: "إن هذه الشاة تخبرني أنها ذُبحت بغير حق. فقالوا: يا رسول الله، إنها لجارنا ذبحناها لنرضيه بثمنها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أطعموها الأسارى" (?) فيقول أبو حنيفة وأصحابه: لولا أن تغير الشيء