غاصب، وهو لا يعلم بكونها مغصوبة، فإنه لا يُهدَم بناؤه. وقيس على ذلك بناء الغاصب، لاستواء الخطأ والعمد في إتلاف أموال الناس.
وهذا الذي قاله، وإن كان هو مذهب مالك على ما نقله القاضي أبو الفرج عنه في الحاوي، وهو مذهب الجماعة الذين ذكرنا اختلافهم، فإنهم لا متعلقًا (?) لهم فيه؛ لأن الغصب (?) بني الحجر ظلمًا وعدوانًا على ملك غيره، والملك يُحترَم لمالكه، وهذا الغاصب قد أسقط حرمة ماله ببنائه على ما لا يحلّ له أن يبني عليه .. والذي بني على خشبة اشتراها غيرُ ظالم في بنائه، ولماله حرمة لم يهتكها، فلا تهتك عليه بالشرع، بخلاف الغاصب الذي هتك حرمة ماله فلا يصونه الشرع عليه.
ومما استدلوا به أيضًا أن من غصب عبدًا فأبق وهو في يديه، فإنه يحكم عليه بقيمته، وما ذلك إلا لتعذر رده، وخسارة في طلبه وتحصيله، وربما كان ما يحسن (?) الغاصب في هدم بنائه أضعاف ما يخسره فيما ينفقه في طلب الآبق.
وهذا أيضًا لا مستَروح لهم فيه؛ لأن الحجر المبني عليه حاضر مروي (?) يتمكّن من ردها إلى صاحبهالأولهذا يجوز بيعها إذا لم يكن فيها خصام، وأمكن تسليمها على ما هي عليه، والعبد الآبق غير مقدور عليه الآن ولا يجوز بيعه.
وقد قال بعض الناس: لو أمكن الغاصبَ ارتجاُعه بنفقة كثيرة لم يجبر على ذلك، بل يكون الحكم إغرامه بقيمة العبد.
وهذا يقتضي أنه في معنى الهالك. وإن كان بعض الناس رأى أن من حق صاحب العبد أن يطلب الغاصبَ باسترجاعه وإن خسر في ذلك مالًا، ولم يلتفت في هذا إلى قلة الخسارة أو كثرتها.