وأصحابنا وأصحاب الشافعي لم يسلموا لهم هذا الترجيح الذي وقع (بين الموازية) (?) بين الضررين، بل قالوا: لو (?) جبر رجل على أن يبيع ماله ويأخذ عوضه أشدُّ الضرر، وقد يكون له غرض في عين ملكه (محله) (?) أو لكونه لا يمكنه أن يشتري بالقيمة التي يعطاها عوضًا عنه مثل حجره أو خشبته التي غصبت له. ويرجح أصحابنا هذا بأن الظالم أحقّ أن يحمل عليه.
وهذا عندي هي النكتة التي تدور عليها هذه المسألة، وإليه كان يذهب شيخي أبو محمَّد عبد الحميد، رحمه الله، ولا يقول قولًا مطلقًا بما قاله مالك والشافعي من هدم بناء الغاصب، ولا بما قاله أبو حنيفة من (?) هدم بنائه، بل يرى أن كل نازلة حكمها، فما اتضح فيه الضرر بهدم البناء أشد من تغريم الغاصب قيمة الحجر لم يهدم عليه البناء، وما كان تغريم القيمة فيه أشد على صاحبه في الإضرار به كان تغريم القيمة أوْلى من هدم بناء الغاصب، وما تساوى فيه الضرر، أو أشكل أمره، رُجُّح جانب صاحب الحجر في تمكينه من أخذ عينهلالكون الظالم أحق أن يحمل عليه. وهكذا كان يرى في كل شيء أخذه الغاصب فأضاف إليه شيئًا آخر فإنه يغلّب فيه أحد الضررين على نحو ما ذكرناه.
ومما يرجح به جانب صاحب الحَجر قوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} (?) وغاصب هذا الحجر ظالم.
وعموم الأحاديث تقتضي تمكين صاحب هذا الحجر من قلعه وإن فسد بناء الغاصب. من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على اليد ما أخذت حتى تؤدي" (?) وفي