شيخاي، رحمهما الله، ورأى أن الغاصب إذا رضي بهدم بنائه لم تلزمه غرامة القيمة بأن غرامة القيمة للحجر موقوفة عن رضي صاحب الحجر والغاصب الذي بني عليها. وسبب الاختلاف في تمكين صاحب الحجر من هدم م ابن اه الغاصب عليها المنازعة في ظواهر وقعت في الكتاب وفي السنة.
فأما الكتاب، فقال أصحاب أبي حنيفة: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (?)
وظاهر هذا يقتضي أن لا يعتدوا على غاصب هذا الحجر بردها بعينها وإفساد بنائه؛ لأن ذلك ليس بمثل له، فدل على أن الواجب قيمته التي هي عوض مثله.
وأجيبوا عن ذلك بأن هذه الآية نزلتْ في الجناية على النفوس والأبدان، فحكمها مقصور عليهما. وأيضًا فإن غاصب الحجر لو أخذه من بناء هدمه على صاحبه ورده إلى ملكه، وبنى عليه مثل ما هدمه على مالكه، لصحّ ها هنا أن يقضى بالأمث الذي هذا: لأنه يهدم عليه مثل ما هدمه هو على صاحب الحجر، وهو يقول في هذا: لا يهدم على الغاصب وإن هدم بناء غيره بسبب هذا الحجر، فلم يقض بالمثل.
واحتج أصحابه بقوله عليه السلام "لا ضرر ولا ضرار في الإِسلام" (?) ومن الإضرار فساد بناء الغاصب وإتلاف ماله.
وهذا أجيبوا عنه بأن منع صاحب الحجر من أخذ حجره إضرار به أيضًالأولا سبيل إلى الإضرار.
فيقولون هم: تجب المساواة بين الضررين، فالإضرار بهدم بناء الغاصب يقع ولا عوض للغاصب عنه، والحجر إذا مُنع منها صاحبها أخذ قيمتها، فشتان بين ضررين: أحدهما يؤخذ عنه عوض والآخر (عنه عوض عنه) (?).