لكن هذا التعليل يقتضي أنه لو كان أيامُ حيضتها قد أشرفت وقَرُبتْ ألاّ يضمن الغاصب القيمة، إذا كان حبسها عن ربّها بقرب زمنه. وبعض أشياخي يرى أن سيدها إذا كان مقرًّا بو طئها لم يعجل القيمة بل توقف، لجواز أن ينكشف كونها حاملًا فترجع لسيدها أمَّ ولد له فإن حاضت، وتبين أنها غير حامل من سيدها، أخذ القيمة التي وُقفتْ له.
ومذهب ابن القاسم أن مجرد الغيْبة لا يوجب ضمان القيمة، خلافًا لما حكيناه عن مطرت وابن الماجشون.
وما ذاك عندي إلا أنه يرى أن مجرد الغيبة ليس بعيب في هذه الجارية، ووجوب استبرائها قد تكلمنا عليه في كتاب الاستبراء.
ومما يحدثه الغاصب استيلاد الأمَة المغصوبة، فإن ابن القاسم وأشهب اتفقا على أنه ما استولده الغاصب، واغتلّه في الحيوان من لبن وشبهه، فإن مالك ذلك يستحق أخذه للأمهات وما ولدت وما اغتل منها. وإن ضمن مالك ذلك قيمة الأمهات وما ولدت لم تكن له مطالبة بالأولاد ولا بهذه الغلّات. وإن حدث الموت بالأمهات وأولادها جميعًا، أوْ بأخذهما (?)، فهاهنا (أسْتخلفا لمذهب) (?) ابن القاسم أنهما إذا ماتا جميعًا لم يضمن الغاصب سوى قيمة الأمهات يوم الغصب؛ لأنه إذا ضمنها يوم الغصب صار ما حدث من ولد أو غلّة كأنه حدث في ملك الغاصب، ومن حدث في ملكه شيء لم يؤخذ منه إلا بوجه يوجب ذلك.
وعند أشهب أنه، وإن ضمن الأمَّ يوم الغصب، فإنه يضمن مع ذلك قيمة الأولاد يوم ولدت، وقدر أن ذلك كغاصب سلعتين، فإن هلكا جميعًا غرم قيمتهما جميعًا، وبمجرد الولادة صار الولد كسلعة أخرى يجب على الغاصب