الشيء الذي غصبه. وهذه إحدى طريقيه في أن الغاصب لا يربح.
ومذهب أشهب أن هذه الخمسة دنانير تكون للغاصب؛ لأن المالك
للشيء المغصوب قد وجده، لما قام في طلبه، في يد غاصب (?) لم يتغير في عينه ولا في سوقه، وإذا وجد المالك الشيء المغصوب عين ما غُصب له لم يتغير، فلا مقال له في تغريم صاحبه. وجعك ما تخَلل من ذلك، من بيع وشراء، كالعدم، كما ذكرناه في كتاب البيوع الفاسدة، فيمن اشترى ثوبًا فاسدًا فلم يفسخ بيعه حتى باعه مشتريه صحيحًا، فإن ذلك فوْت يمنع منا الفسخ، ويوجب القيمة يوم القبض.
فلو رجع هذا الثوب الذي اشتراه شراء فاسدًا للذي كان اشتراه شراء فاسدًا بوجه صحيح، لم يمنع من فسخ العقد الفاسد الذي كان وقع فيه، وجعْلِ ما وقع بعد العقد الفاسد من بيع صحيح كالعدم.
والقول الثالث إن هذه الخمسة دنانير ترجع إلى من كان دفعها للغاصب؛ لأن مالك الثوب المغصوب لما أخذ عين ثوبه فقد انتقض جميع ما كان فيه من البياعات، كما ينقض بالاستحقاق جميع البياعات المتقدمة للاستحقاق.
ومما يحدثه الغاصب الغيبة على جارية غصبها فإنه يضمن قيمتها بمجرد الغيبة عليها، إذًا كانت جارية رائعة من جواري الوطْء، سواء عُلم أنه وطئها أو شك في ذلك. إلى هذا ذهب مطرت وابن الماجشون وأوجبا القيمة على الغاصب، لأجل أن ذلك يقتضي شكًّا هل وطئها الغاصب أم لا؟ وذلك ينقص من ثمنها، وأدنى مراتبه أنه كالعيب اليسير، والعيب اليسير يضمن به الغاصب ما غصب، وتلزمه فيه غرامة القيمة. وأيضًا فإن الغيبة عليها مما يقتضي التوقف عن وطئها حتى تستبرأ، فيصير ذلك حَبْسًا لها عن ربها، ومنْعًا لسيّدها منها، وذلك يوجب القيمة.