شرح التلقين (صفحة 2427)

والتلف مترقب، فإذا وُجد ما تُرقب منه كشف الغيب أنه كان ضامنًا في الأصل.

فالضمان في الغاصب لا يتقرر بمجرد الغصب حتى يمنع من رد العين أو يتغيّر في يديه، وبعض أشياخي كان يخرج ما يذكره ابن الجلاب من الخلاف في الموازية في قوله في غاصب دار انهدم بعضها في يديه فإنه لا يضمن جملة قيمتها وإنما يضمن الغاصب مقدار ما انهدم منها، ويأخذ (?) على ما هو عليه؛ وإن انهدم جلها ضمن قيمة العرض (?) كلها. فقد فرق ها هنا في كتاب ابن المواز بين حدوث العيب اليسير والكثير في حق الغاصب كما فرق جميع أهل المذهب بين العيب اليسير والكثير في حق المتعدي.

وهذا التخريج عندي فيه نظر؛ لأنه يمكن أن تكون الدار كأنها كسلع متفرقة، فإذا تهدّم بيت وسلم سائر البيوت صار ذلك كمن غصب ثيابًا فلحق أحدَها عيبٌ وسلم بقيتها، فإنه لا يضمن السالمَ منها. وإذا أمكن أن تُحمل هذه الرواية على ما تأوّلناه لم يثبت أن في المذهب خلافًا سوى ما ذكره ابن الجلاب.

هذا، فأما إذا لم تتغير في بدنها، وإنما تغيرت في سوقه ابن قص، مثل أن يغصب سلعةً، وقيمتُها مائة دينار، فتصير قيمتها بعد غصبه لها خمسين دينارًا، فإنه إذا ردها لصاحبها لم تكن عليه مطالبة. بجملة قيمتها, ولا بمقدار ما نقص سوقها. هذا المعروف من المذهب المشهور فيه.

لكن ذكر ابن شعبان في كتابه عن عبد الملك وابن وهب وأشهب أنهم يرون الغاصب إذا طُلِب بقيمة ما غصب قُضِي عليه بأعلى قيمة مرت بالسلعة المغصوبة؛ لأنه يقدَّر كل يوم كمبتدى غصب، فيومَ صارت قيمتها في يديه مائةَ دينار، وقد كانت يومَ الغصب قيمتُها خمسين دينارًا، فكأنه يومئذٍ ابتدأ غصبَها فإذا ألزمناه القيمة يوم الغصب لِمَا قررناه من كونه بكل يوم كمبتدئ غصب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015