شرح التلقين (صفحة 2426)

السلعة أن يقبلها فإنه إن كان العيب كثيرًا فلا خلاف في أن المغصوب منه هذه السلعة لا يلزنه قبولها, وله أن يضمّن الغاصب قيمتها إذا شاء، وله أن يأخذها بعينها ويقبلها منه، على اختلاف تقدم ذكره: إذا أخذها بعينها: هل يسقط حقه في قيمة هذا العيب الحادث فيها لكونه قادرًا على تضمين الغاصب جميع قيمتها، فلا يمكّن من العدول عن ذلك، إلا أن يأخذ عينها على ما هي عليه من نقص وعيب، ولا يكون له أن يجمع بين أخذ عين السلعة المغصوبة وأخذ دنانير أو دراهم في قيمة ما نقص؛ لأنه لما حكم له في أخذ جملة القيمة صار عدوله عنها رضىَ بأخذ العين على ما هي عليه من نقص. وهذا اختيار ابن المواز وسحنون، وهو مذهب أشهب واحد قولي ابن القاسم. وقيل: بل له أخذ عينها وقيمة ما نقص، كما كان بحكم قيمة جميعها إذا هلك جميعها، فكذلك يحكم له بقيمة الذاهب منها خاصة حتى كأنه كلُّها، ويأخذ عين ما بقي منها.

وأما إن كان العيب يسيرًا فالمذهب المعروف المشهور أن لصاحبها أن يغرّم الغاصب قيمة جميع جملتها، كما لَه ذلك في العيب الكثير إذا أحدث بها، على حسب ما قدمناه من وفاق أو خلاف في حدوث العيب الكثير ..

وفي التفريع لابن الجلاب أنه لا يضمن قيمة جميع جملتها لحدوث عيب يسير، قياسًا على ما اتفق عليه من أن المتعدي لا يضمن جملة الشيء بتعديه على إحداث عيب يسير فيه، ولم يَرَ فرقًا في هذا بين حكم المتعدي والغاصب.

وفرقت الجماعة بينهما لأجل أن الغاصب بنفس الغصب والاستيلاء على الرقبة ضمن قيمة جملتها إذا هلكت، فإذا طرأ على أصلِ ضمانِ قد ثبت بجملتها وجبت قيمة جملتها في العيب اليسير والكثير. وأما المتعدي فلم يجب عليه ضمان جملتها بإحداث عيب يسير تعدى في إحداثه، فلما لم يكن هذا العيب الذي أحدثه المشتري مستندًا إلى أصلِ ضمان ضَعُف حكمه حتى فرق فيه بين القليل والكثير.

وهذا الفرق مما ينظر فيه بأن الضمان إنما ثبت في الغصب إذا وقع التلف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015