وإذا كان الفساد بالتعدي إفسادًا كثيرًا يوجب تضمين القيمة، إن اختار رب الشيء الذي أفسد عليه (فيه الغرض بعد عن ذلك) (?) إلى أن يأخذ قيمة الجناية خاصة، ويأخذ الباقي من سلعته التي أفسدت فإن في ذلك قولين: أحدهما أنه لا يمكّن من ذلك، وليس له أن يجمع ما بين شيئين أخذِ السالم من سلعته، وأخذ قيمة ما فقد منها، وإنما له أخذ منفردٌ، إما أخذ عين سلعته خاصة، وإما تضمين قيمة جميعها. فكأنه (?) اختار ترك المؤاخذة بالتعدي والجناية، فإن له ذلك لأنه حق له، إذا شاء طلَبَه، وإن شاء العدول عن ذلك إلى أن يأخذ السالم من سلعته بانفراده لكون ذهاب الغرض منها كإذهاب عينها، وإذهاب عينها الواجبُ فيه جميعُ القيمة لا غير، إذ لا يقدر على أكثر من ذلك، فلا يجبر ها هنا.
وهذا المذهب هو الذي اختاره أشهب من كبار أصحاب مالك، واختاره اتباع أصحاب مالك: ابن المواز وسحنون، وقالوا في (?): إنه كذابح وكاسر العصا، فإن الواجب لرب الشاة ورب العصا أحَدُ أمرين: إما أخذ مذبوحة، والعصا مكسورة، وإما المطالبة بجميع قيمة الشاة وجميع قيمة العصا. وأشاروا في ذلك إلى أنه قول مالك وأصحابه.
وهذا الذي مثلوا به وقاسوا عليه، إن عَرِيَ من الخلاف، فإنما ذلك لأنهم أن الشاة الحية إذا ذبحت فإنها صارت جنسًا آخر من الأملاك، وليس له أن جنسًا من جنس آخر أفسد عليه.
هذا، والباب كله يجري مجرى واحدًا، وإنما اعتذرنا عن احتجاجهم بذبح الشاة على خرق الثوب المفسد له.
وقيل: لصاحب السلعة التي أتلف كثير منها أن يأخذها ويغرم الجاني ما