شرح التلقين (صفحة 2418)

المسألة وأن لمالك المجنيّ عليه تغريمَ جميع القيمة في الإفساد الكثير قال: هذا المشهور عن مالك. إشارةً إلى الخلاف الذي قدمناه. وإن كانت الجناية يسيرة في ثوب خزق منه شيئًا يسيرًا فإن في المدونة: أنه يرفوه الجاني ويغرم ما نقص بعد الرفوِ فإن الرفوَ لا يُزيل العيب كله زوالًا كليًا.

واختلفت طريقة الأشياخ في تعليل هذا: فمنهم من رأى أن ذلك جنوح إلى القضاء بالأمث الذيما تلف من العروض إذا كانت يسيرة؛ ومنهم من رأى أن العلة في ذلك كون الجاني أحوج صاحبَ الثوب إلى رفوِه إذ لا يلبسه ممزّقًا، فكأنه أدخله في مشَقة، فعليه أن يحمل ذلك. كما قيل في أحد القولين، في المجروح: إن على جاره (?) مداواته، ثم يغرَم بعد ذلك ما نقص، إن يرى المجروح على شيْن.

وما هذا إلا لكون الجارح أدخل المجروح في الحاجة إلى المداواة. ومن المتأخرين من مال إلى أنه لا يبعد أن يقال بأنه يجب عليه قيمة العيب.

وكذلك تنازع المتأخرون، إذا كان كثيرًا، هل يلزم الجانيَ رفوُه ثم يغرم ما نقصه العيبُ بعد الرفو، قياسًا على ما قال مالك في الخرق إذا كان يسيرًا.

ويكون الخرق الكثير إنما تجب فيه قيمة العيب من غير رفوٍ، وتدخل إجارة الرفو في التقويم للعيب. ورأى هؤلاء أن ظاهر المدونة التفرقة بين الخرق اليسير والكثير، لأجل أنه إنما ذكر الرفو في الخرق إذا كان يسيرًا. ومقتضى تعليل من علل إيجاب الرفو اليسير لكونه أحوج صاحبَ الثوب إلى مشقة الرفو المساواةُ بين الخرق اليسير والكثير.

ومن علل ما ذكره في المدونة في اليسير بأنه استخف القضاء في العروض بالأمثال إذا كانت مخترقة يسيرة (?) لم يُلزِمْه ذلك في خرق الثوب إذا كان كثيرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015