شرح التلقين (صفحة 2343)

اشتراء ثمرة قبل الزّهو على التّبقية، وقد سبق العقد على النّخل مجردة. وكذلك العقد على مال العبد، وقد سبق العقد على العبد مجرّدًا من ماله. وفي الموّازيّة لأصبغ جواز المعاوضة على البراءة من عيوب العبد بعد العقد. وهكذا ذكر ابن حبيب فيمن باع جارية أو عبدًا ثم دفع البائع دينارًا ليبرأ من عيوبها، أنّ ذلك يجوز في الجارية لجواز البراءة فيها في أصل العقد، ولا يجوز ذلك في الدّابّة لمنع البراءة فيها في أصل العقد. ولعلّه إنّما ذكر في المدوّنه البراءة من عيب الدّابّة خاصّة ليشير إلى أنّ ما بعد العقد يمنع في العبد كما منعت البراءه في الدّابّة في أصل العقد. فأشار إلى المساواة بينهما في البراءة بعد العقد لا إلى المساواة بينهما في البراءة في أصل العقد.

والجواب عن السؤال الحادي عشر أن يقال:

ذكر في المدوّنة في رجل له على رجل دراهم، نسيا جميعًا مبلغَها، أنّ الصّلح يجوز عنها بعرض أو دنانير أو دراهم ويتحالاّن، ومغمز التقيّة فيه واحد.

فأشار بهذا اللّفظ إلى أنّ الجهالة تمنع من صحة المعاوضة، لكون المجهول لا يصحّ بيعه ولا شراؤه. ولكنّ هذا في مجهول يمكن رفع الجهالة فيه بِعُدُولِهِمَا، مع إمكان العلم به، إلى المعاوضة على جهل به خطر وغرر. فصارت هذه ضرورة تلجىء إلى العفو عن هذا الغرر. والغرر قد يعفى عنه لمشقّة التحرّز منه. فما لا يمكن العدول عنه أحْرى أن يعفى عنه. لكن وإن استوى حكم الجهل فيما ذكره من الأصناف المصالح بها من عرض ودنانير ودراهم، فإنّ العرض والدّنانير إذا صولح بها عن دراهم لا يتصوّر فيها الرِّبا، وإذا صولح عن دراهم مجهولة بدراهم أمكن في هذه المعاوضة أن يقعا في الرّبا، وهو بيع دراهم بأكثر منها. ولهذا أشار أنّ هذه الدّراهم وإن زاد فيها معنى من التّحريم آخر، فإنّ ذلك لا يؤثّر ها هنا، لكونهما لم يقصدا إلى التفاضل والربا , ولا يقدران أبدًا على العلم بأنّهما سلما منه , فعفي عن هذا أيضًا كما عفي عن الجهالة بالمبيع ها هنا مع كون هذا قد لا يتصور فيه الرّبا. لأنّ ما اصطلحا عليه من الدّراهم إن صادف ذلك كون المصالح به مثل المصالح عنه في المقدار سواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015