شرح التلقين (صفحة 2342)

يقتضي كون المنع مقصورًا على وجه واحد، وهو كون هذا السلف يفيد مسلفه أكثر مِمّا أسلف.

والجواب عن السؤال العاشر أن يقال:

سئل ابن القاسم في المدوّنة عن من دفع دراهم لمشتري عبد منه على أن يبرئه من عيوبه بعد إنعقاد البيع. فقال: سئل مالك عن من تبرأ من عيب بدابة باعها أو مشش بيديها، في العقد، أن ذلك لا يبرئه حتّى يبين العيب. ونقل من اختصر في المدوّنة هذا الجواب فأضاف إلى التّبري من مشَش بالدّابة العبدَ، فقال: لا يبرأ من تبرّأ في العقد من عيوب العبد أو مشش بالدّابة حتّى يبينه.

وهذا الّذي أضافه المختصرون إلى المدوّنة خلاف المشهور من مذهب مالك في المدوّنة. لأنّه أجاز البراءة من عيوب الرّقيق خاصّة، ومنعها من الحيوان البهيميّ. والّذي نقله المختصرون ها هنا من المساواة بين العبد والدابة خلاف المشهور عن مالك في المدوّنة. وإنّما يصحّ هذا الجمع والمساواة بين العبد والدابة على القول: إنّ البراءة لا تنفع في رقيق ولا حيوان سواه (?). وهذه المسألة يلتفت إلى النظر في ما تجوز فيه البراءة من العيوب في أصل العقد. ثم بعد ذلك يلتفت إلى أصل آخر وهو النّظر فيما عقد في المبيع بعد انبرام العقد فيه، هل يقدّرُ أن العقد وقع عليه، وإن تأخّر عنه، أوْ لا يضاف إلى العقد الأول ويكون له حكم نفسه؟ فإذا قلنا بالمساواة بين العبد والدّابة في جواز البراءة من العيوب في أصل العقد، وقلنا: إن ما بعد العقود يقدّر أنَّه قارن العقد، فإنّ المعاوضة على البراءة من العيوب تصحّ بعد العقد كما صحت في العقد، ويستوي في ذلك العبد والدابّة. وإن قلنا: إنّ الذي يفعل بعد العقد لا يضاف إلى العقد وله حكم نفسه، فإن هذه المعاوضة تمنع في العبد والدابة جميعًا.

وإن خصّصنا جواز البراءة بالرّقيق خاصة، جرت المعاوضة بعد العقد على القولين المذكورين في إلحاق ما بعد العقد بالعقد على حسب ما اختلف فيه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015