شرح التلقين (صفحة 2337)

المسترق معها، بخلاف الثّمرة. وأيضًا فإنّ ارتهان الأجنّة لا يجوز، ويجوز ارتهان الثّمرة على ما قاله بعض أهل العلم.

وقد يستبعد ما أشار إليه من الفرق بالاستحقاق، يكون الولد في الاستحقاق يردّ ولا تردّ الثّمرة، ولكن إنّما أراد الإشارة إلى أنّ الولد كعضو من أعضائها، وكأن مشتريها بذل الثّمن على سائر أعضائها، والولد كأحد أعضائها، فصار شراء الجنين مقصودًا في نفسه يَمنَعُ الورثة من ذلك. والغلاّت لا تردّ لكونها ليست بجزء مِمّا اشتراه واغتلّه ولم تقع المعاوضة عنها، فلهذا لم ترد. فأشار بهذا إلى تصحيح قوله: إنّ الولد لا مرجع لهم فيه، وهو كأحد أجزاء ما يباع ويشترى بدليل ما قلنا في استحقاق أمّه, والثّمرة بخلاف ذلك.

وكذلك إشارته إلى جواز ارتهان الغلاّت ومنع ارتهان الأجنّة، على ما ذكره بعض أهل العلم. فإنّما أراد أنّ الغرر يتأكّد في الجنين ويعظم، ولا يتيقّن حصوله وملكه، ولهذا لا يؤخذ رهنًا؛ لأنّ الرّهن إنّما يؤخذ ثقة بالحقّ، والجنين لا يكون ثقة. بخلاف الغلات، الّتي هي كالحاصلة في الأغلب من العادة، والغرر إذا تأكّد لم يبح للضّرورة، وإذا خفّ أبيح للضّرورة. على أنّ ابن ميسر أجاز ارتهان الأجنّة كما ترتهن الغلاّت، مع كون الغرر يدخلهما جميعًا.

وهذا الارتهان إن كان بعد العقد، فلا وجه لمنعه، وإن قارن عقد بيع، فيختلف فيه، على ما سيرد بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وذكر القولين في ارتهان الغرر إذا قارن عقود البياعات، هل يفسدهما أو لا بناء على اعتباركونه له حصّة من الثّمن أم لا؟

وقد أشار بعض الأشياخ إلى أن القياس جواز شراء الورثة للجنين الموهوب، لكونهم ممنوعين من التصرّف. في أمه حتّى تضع، كما منعوا من التّصرّف في رقاب النّخل أو الدّيار الموهوب منافعها وغلاّتها. لكنّه التفت إلى العذر عن التّفرقة بغير ما فرَّق به في المدوّنة، فقال: لعلّ أمد الوضع قريب، وانتظاره لا يلحق الورثة فيه ضرر كبير، بخلاف من أعمر داره أو بستانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015