القاسم إلى أنه يحط منه بمقدار ما قابل اللبن من الكراء. وذهب أصبغ إلى أنه لا يحط منه بناء منه على أن الاتباع لا حصة لها من الثمن، كمال العبد إذا اشترط في البيع، والثمرة المؤبرة إذا اشترطها مشتري رقاب النخل. وإذا كان العقد في شراء اللبن علي ما يجوز، واشترى اللبن علي الجزاف فماتت بعض الشياه، فإنه يحط عن المشتري من الثمن مقدار ما قابل لبن الشاة التي ماتت بعد أعتبار قيمة اللبن في أول الإبان وآخره. وينظر في لزوبم العقد فيما بقي منها. فإذا كان الذي بقي منها حيًا هو الأكثر، فأصل المذهب أنه يلزم البيع فيه على ما تقدم بيانه في كتاب الرد بالعيب. وإن كان الذي بقي منها حيًا أقل الصفقة، فها هنا اضطرب المتأخرون. فمنهم من أشار إلى لزوم البيع، بخلاف ذهاب أكثرها بالاستحقاق، أو رده بالعيب لما كان الاستحقاق والردّ بالعيب من سبب البائع، ويتهم البائع في كونه من سببه ومدلسًا به. والموت أثرٌ لا سبب للبائع فيه فلا يكون للمشتري مقال بذهاب أكثر صفقته كجوائح الثمار، لما كان ذهاب ما هلك من الثمرة لا سبب للبائع فيه، وجب ألا يكون لمشتريها مقال فيما سلم منها ولو كان أقلها.
ومنهم من مال إلى أن للمشتري مقالًا، واحتج بقوله في المدونة فيمن اكترى دارين فانهدمت إحداهما، وهي وجه الصفقة؛ أن له رد الأخرى. والانهدام لا سبب للبائع فيه. ومقتضى هذا التخريج إثبات حق للمشتري، ورد ما بقي من الثمرة التي طرأت عليها جائحة، وإن كان هو أقل الصفقة.
وذكر في المدونة في هذا الكتاب سؤالًا، وهو: من بني رحًى في أرض لغيره يخرقها نهر، فقال: على باني الرحى. قيمة كرائها، وأما الماء فلا كراء له.
وقال الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن: هل هذا السؤال على أن المراد به النهر الخارق لهذه الأرض ليس بملك لصاحب الأرض، بل هو لغيره، فلهذا أسقط من هذا التقويم كراء الماء. وقيل: إن المراد بهذا القول أن الماء لا كراء له إذا انفرد، وأما إذا كان على هذه الصفقة، فإنه تقوّم الأرض على أن هذا النهر يخرقها. وقال بعضهم: إنما يقع التقويم ها هنا على أن سوْق الرحى بهذا الماء على مكتري الرحى لا على المطالب له بالكراء.