فأشار إلى تطلب التسمية، وهو كون القرية تشبه البادية ويسمى أهلها بوادي. فإذا حصلت التسمية حمل لفظ الحديث على العموم، غير ملتفت إلى كون هؤلاء يعلمون السعر أو لا يعلمونه.
فالمذهب الأول أخرج من التسمية بعض ما تشتمل عليه. والمذهب الثاني نظر في مطابقة التسمية، ولم يزد عليها ولم ينقص منها. لكنه روى عنه في الموازية أنه لا يبيع مدني لمصري ولا مصري لمدني.
وقال في العتبية: أرجو أن يكون خفيفًا.
وهذا الاختلاف في أهل المدائن، إن حملناه على ظاهره وعموم لفظه، اقتضى منع بيع أهل المدائن بعضهم لبعض، كان الوارد على أهل المدينة عالمًا بسعرها أوْ لا. ولكن هذا لا يصح لكونه إن كان عالمًا بسعر المدينة التي ورد عليها لم يمكن غبنه ولا أن يسترخص منه. والمعنى المشار إليه في الحديث معدوم في هذا، والتسمية أيضًا معدومة، فلا يمكن حمل ذلك على أهل مدينة يعلمون سعر المدينة التي وردوا عليها, لا من ناحية لفظ الحديث لكون هذا الوارد لا يسمى بدويًا، ولا من جهة معناه وتأويله لكونه لا يمكن غبنه مع معرفته بالقيمة والأسعار. ولكن إذا كان يجهل السعر، فها هنا قد يحسن حمل اختلاف هاتين الرواتين عليه. لأن من طلب اللفظ فإنه مفقود ها هنا في المدني لكونه لا يسمى بدويًا، فلا يمنع الحاضر أن يبيع له، وإن طلبنا المعنى، وهو الاسترخاص، فها هنا قد يحسن الخلاف، لأن المدني إذا ورد على مدينة، وهو جاهل بأسعارها، أمكن غبنه، وانتفع أهل المدينة بوروده عليهم، مع كونه في الغالب يربح في ما أتى به، فلم يمنع استرخاصه.
وقد يقال: إن المدني إذا ورد من مكان مجمع الأئمة والعلماء والكثرة، فله من الحرمة ولأهل مدينته مثل المدينة التي وَفد عليها، فيجوز أن يبيع له من يمنع من غبنه.
فأنت ترى كيف هذا الاضطراب في المذهب! تارة طلب المعنى مع