الطريق لا يرفع كون المشتري منه بالطريق متلقيًا للسلع.
وقد اختلف أيضًا في ما حول المدائن من جنات لها ثمار، هل يجوز لبعض أهل المدينة أن يخرجّ ليشتري منها ويبيع بالمدينة؟ فروى ابن القاسم عن مالك جواز ذلك. وروى عنه أشهب أنه من التلقي. قال أشهب: وليس عندي من التلقي، وهذا لأن التلقي للجالب ربما كان إضرارًا به من غير منفعة، وها هنا ربما أضر بصاحب الملك منع الناس من الخروج إلى بستانه ليشتروا منه، لأنه قد يشق عليه حمل ثماره إلى المدينة وبيعها جملة. فمن الرفق به أن يباح الشراء منه وهو في بستانه. فكأن هذا، وإن أضر بأهل المدينة، ففي منع بعض أهلها من الشراء منه إضرار به أيضًا، فتقابل الضرران، فيقع الترجيح بينهما أيهما الأوْلى أن يعتبر.
والنهي عن التلقي يتصور وإن لم تحضر السلعة المبيعة حين العقد، بأن يتصل برجل خبر أنه يقدم عليه غدًا أو بعده سلع اشتُريت له ليبيعها ببلده، فإنه يمنع من كان معه بالبلد أن يشتريها منه على الصفة قبل قدومها عليه. لأنه يتصور في هذا من مضرة أهل البلد وانفراد هذا بالربح ما يتصور في التلقي (?) خارج المدينة. ولو وصلت السلعة ومالكها لم يصل فإن بعض المتأخرين قال: ينبغي أن ينهى عن الخروج إليه ليبيعها قبل أن يدخل المدينة؛ لما يتصور في هذا أيضًا من انفراد المتلقي بربح هذه السلع التي وصلت إلى المدينة وصاحبها لم يصل.
وإذا كان قرًى، بقرب المدينة أو ببعد منها، فإنهم يمنعون من شراء سلع من مر بهم قاصدًا إلى المدينة، إذا قصدوا بما يشترونه منه التجارة. ويباح لهم أن يشتروا منه أدواتهم وما يحتاجون إليه من أضاحي وملابس وما في معنى ذلك.
وأما من حاول شراء ما دخل المدينة إذا مرّ بباب داره، فإنه إن كان لما