التقدير لما اقتضاه الشرع والدليل.
وقد قال جماعة ممن تقدم وتأخر من العلماء، من أصحابنا وأصحاب الشافعي وغيرهم: إن اللبن الذي كان في الضرع عند العقد يجب ردّه مع الشاة ولكنه يختلط به ما حدث في الضرع في ملك المشترى، وهو غلة، والغلات لا ترد إذا ردَّ المبيع بالعيب، والذي كان في الضرع ليس بغلة، بل هو كالمبيع في حكم التبع، فيجب ردّه. فلما لم يتميز من اللبن ما يجب رده مما لا يجب ردّه، رفع عليه السلام الخلاف والتشاجر والخضام والتداعي بأن جعل عوض اللبن الذي كان بالضرع حين العقد أمرا محدودًا كالقيمة له، وقدره بجنس غير جنسه ليسلم من التفاضل بين لبن ولبن صار عوضًا عن اللبن الأول. وهكذا (?) كما قضى - صلى الله عليه وسلم - في غرة الجنين بعبد أو وليدة (?)، ولم يفرق بين كون الجنين ذكرًا أو أنثى، مع اختلاف دية الذكر والأنثى. وكذلك - صلى الله عليه وسلم - قصد بهذا التحديد والتعويض رفع التشاجر والخصام في الأجنة، هل هم ذكران أو إناث.
وقال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة: تأويل الحديث أن البائع اشترط كون هذه الناقة تحلب أقساطًا معلومة، فظهر أنه لم يصدق، وأنها تحلب أقل مما شرط، فلهذا كان له الرد لأجل فساد البيع؛ لأن البيع والشرط إذا اقترنا في العقد أفسد الشرط العقد إذا كان في معنى هذا الشرط.
وهذا الذي قاله تعسف عظيم، وإبطال للأحاديث والظواهر، لأن النبي عليه السلام لم يذكر، لما ذكر حكم المصراة، أن المشتري اشترط مقدارًا من اللبن معلومًا. ولو ساغ أن يضاف إلى لفظ. النبي عليه السلام ما لم يقله، ولم يذكره السائل ولا هو من المشكلات الظاهرة والمحتملات القريبة، لأمكن أن يدعى في كل حديث زيادة فيه بما قد يمكن.
وأيضًا فإن البيع الفاسد يجب فسخه، وإن لم يرض المشتري، ولا يسوغ