حياته، وإخدامه عبدًا له حياته لهذا السكن، وهذا الإخدام، مع كون هذا في الظّاهر شراء مبيع لا تعلم حقيقته ولا مقداره، لأنّ الإنسان إذا أعمَر رجلًا سكنى داره حياته، أو خدمته عبده حياته، فإنّ منتهى الحياة غير معلوم، ويختلف زمن طروق الآجال اختلافًا شديدًا، حتى لا يدري صاحب الدّار هل يموت السّاكن بعد شهر من يوم أسكنه، أو بعد سنين كثيرة، وقد اشترى صاحب الدّار منافع لا تعلم، وهذا واضح على مقتضى الأصول. لكن سمح صاحب الدّار وصاحب العبد (?) ينتزعها من يده من اشتراه متى شاء لا يكون ثمنه كثمن عبد في يدهِ عشرة دنانير. فإذا علم أنّ الثمن يختلف باختلاف مال العبد في القلّة والكثرة وجب أن يعطى حكم بيعه مجرّدًا منفردًا عن العبد لا سيّما إذا راعينا قول من قال من العلماء إنّ العبد لا يملك ذلك، يتضح معه أن السيّد باع العبد وماله.
والمذهب عندنا أنّ السيّد لو قال للمشتري: أبيعك عبدي ومالَه، لم يجز ذلك، حتى يكون المال معلومًا. ولا يوقع في الرّبا، لأنّه لما قال: أبيعك عبدي وماله، صرّح بأنّه عقد البيع على مال العبد كما عقده على رقبته، فيراعى فيه ما يراعى في العقد عليه لو انفرد عن البيع.
وهكذا المذهب لو قال: أبيعك عبدي وله مائة دينار أُوفيكَها. فإنّ قوله: أوفيكها، إشارة إلى أنّه باع العبد ومائة دينار معه. إلى هذا أشار ابن القاسم.
واختلف المتأخرون من الأشياخ لو قال: أبيعك عبدي وله مائة دينار، هل يمنع من ذلك ويصير ذلك حكمه حكم ما لو زاد على ذلك، فقال: أُوفيكها. أو يكون هذا بخلاف من زاد في هذا اللّفظ: أو فيكها، أو إنّما قصد بيان ما عند العبد من مال. وهذا كلّه يشير إلى أنّ المال إذا اشترطه المشتري لنفسه لم يجز.
وإن اشترطه للعبد جاز. وقدّر في ذلك معنى الاشتراط إبقاء المال ملكًا للعبد على حسب ما كان قبل عقد البيع. وأنه لو اشترط المشتري ذلك لم يجز، لأنّه كمن اشترى مالًا مجهولًا، واشترى مالًا بمال فوقع في الرّبا.