صاحب الخشب خشبه فيه. كما على صاحب السفل أن يبنيه إذا انهدم ليحمل صاحب العلوّ علوّه عليه.
وذكر في المدوّنة في هذا الكتاب جواز بيع رجل مقدار هواء عشرة أذرع من أعلى داره بعد أن يبقي لنفسه مقدار عشرة أذرع من الهواء تحت الهواء الذي باعه. وهذا الذي ذكره من شرط جوازه أن يبني البائع العشرة أذرع من الهواء المتّصل بسطح داره ليبني المشتري العشرة أذرع من الهواء الذي اشتراه، إذ يستحيل أن يعتمد ما يبنيه المشتري على الهواء، وهو إنّما اشترى هواء فوق هواء، فلا يمكنه الانتفاع بما اشتراه إلاّ بعد أن يبني له الهواء الذي تحت الهواء الذي اشتراه، وإلاّ فيكون هذا العقد من أكل المال بالباطل. وقد قدّمنا التنبيه على منع مثل هذا فيمن اشترى ممرّ دار لا يُسلك في هذا الممرّ إلى ما ينتفع وإذا كان لا بدّ من اشتراط بناء البائع للهواء المتصل بسطحه فلا بدّ من وصف هذا البناء الذي يبنيه هذا البائع لكون البناء يختلف، فمنه ما لا يثبت ما يبنَى عليه من علوّ إلا زمانًا قليلًا، ومنه ما يَلبث زمانًا طويلًا، فالغرر إنّما يرتفع بمعرفة المشتري للهواء مآل ما يبني عليه ما اشتراه من قوّة أو ضعف.
وإذا أجزنا هذا جاز أيضًا أن يبيع منه هو عشرة أذرع متّصلة بسطح البائع، بل هذا أجرى في الجواز لكون المشتري يتمكّن من الانتفاع بما اشتراه، بأن يبنيه في الحال من غير ترقب لما يفعله غيره. ولكن من شرط جواز هذا أن يصف المشتري ما يبنيه حتى يكون معلومًا عند البائع، وإلا صار في العقد غرر. لأنّ صاحب الدّار يختار ألاّ يثقل على سطحه فينهدم، والمشتري قد يختار التثقيل.
والغرر إنما يرتفع بوصف البناء الذي يبنى على السّطح وصفًا يصيّر هذا البيع لا غرر فيه. فلا بد من اعتبار ما أشرنا إليه في جواز بيع هواء فوق هواء، وهو متّصل بسطح البائع، على حسب ما أجازه في المدوّنة في هذا الذي ذكرناه.
وذكر في المدوّنة أيضًا في هذا الكتأب جواز شراء المُسكن رجلًا دارًا له