عنه كالمعاوضة عن شيء لا يعلم المشتري هل يحصل له أم لا؟ أو على أي صفة يحصل.
وأمّا حكم إجارة زوال البناء فإنا نقرّر في ذلك مقدّمة إليها يسند النظر في هذا الحكم. وذلك أنّه قد تقرّر أنّ المبيع على البائع التّمكينُ منه. فإذا لم يمكن المشتري منه مع دفعه الثفن وبذله، صار كغاصب غصب المشتريَ هذا المبيع، ولم يستحق العوض عنه. وقد كنّا قدّمنا في كتاب الردّ بالعيب الكلام على أحكام الضمان في السّلعة المحتبسة بالثمن، وكذلك نبّهنا على هذا في هذا الكتاب الذي نتكلم عليه وهو ضمان بيع الغائب. ولكن قد يحصل التمكين من المبيع ولكنّ التمكين من قبضه والانتفاع به لا يصحّ، كما صوّرناه في بيع الغائب، وأنّ البائع، وإن مكّن المشتري منه، فإن المشتري لا يتمكّن من قبضه بفور العقد. فهذا العمود إذا بيع وعليه بناء للبائع فإنّ البائع عليه أن يمكنه من المبيع على حال يتمكن المشتري فيه من القبض، ولا يحصل التمكين من ذلك إلاّ بزوال ما عليه من البناء. فعلى البائع هدم ما عليه من البناء ليحصل للمشتري التمكّن من المبيع. فإذا هدم ما عليه فقد ذكر في غير المدوّنة أن أجرة القلع على البائع.
وأشار بعض الأشياخ إلى استبعاد هذا وأنّ قائله يريد بأجرة قلع العمود أجرة زوال ما عليه من البناء ليتمكن المشتري من قبضه. ولا وجه لاستبعاد ما وقع في هذه الرّواية من كون أجرة القلع على البائع لأن العمود إذا كان منشوبًا في الأرض يفتقر تحصيله وهو في ملك البائع، إلى أجرة، صار التّمكين على البائع ليخلص للمشتري الملك المبيع ها هنا، كما عليه إزالة ما على العمود ليخلص للمشتري المبيع. وإن كان هدمُ ما على العمود أوضح في هذا لكون المشتري لو تمكن له قلع العمود بما عليه لم يملك جميع ذلك، ولم يسقط ملك البائع عن ما على العمود. والأرض المنشوب فيها العمود ليست على العمود ولا ينقلع العمود وعليه شيء منها.