شرح التلقين (صفحة 2139)

القيمة، فيقتضي هذا غررًا في البيع.

وأمّا جواز الإقالة في بيع سلعة غائبة فإنّه اختلف فيها على قولين. فذكر في المدوّنة أنّ ذلك لا يجوز. وقدّر أن الثمن دين في ذمّة المشتري للسّلعة الغائبة. فرفع عنه السّلعة الغائبة لما أقال فيها، وأخذ سلعة غائبة عن دين يمنعه ابن القاسم، ويجيزه أشهب. فمضى ابن القاسم على أصله في منع الإقالة ها هنا، للعلّة التي نبّهنا عليها. وأجازها أشهب ويحيى بن عمر. واختلف طريقتهما فبنى أشهب الجواز على أصله في أخذ سلعة عن دين. وأشار يحيى بن عمر أن هذا ليس كأخذ سلعة غائبة عن دين وأن الذمّة ها هنا تبْرَأ.

وإذا قلنا: إنّ الإقالة حلّ للعقد من. أصله وضح ما أشار إليه يحيى. وإن قلنا: إنها ابتداء بيع حسن إجراء الخلاف فيها على ما نبّهناك عليه من مذهب أشهب وابن القاسم.

وقد اختلف أيضًا في مذهب ابن القاسم ها هنا هل هو مبني على قولي مالك جميعًا في ضمان الغائب هل هو من البائع أو من المشتري أو إنّما بني على القول بأنّ ضمان السّلعة الغائبة من مشتريها؟ فذهب ابن الموّاز إلى أن ذلك مستمرّ على قولي مالك جميعًا في ضمان الغائب. وذهب سحنون إلى أنّ هذا إنّما يستمرّ على أحد قولي مالك في ضمان السّلعة الغائبة من مشتريها، لأنا إذا قلنا: إنّ ضمانها من مشتريها اتضح كون الذين مستقرّا في ذمته. وإذا صار مستقرًّا في ذمته منع من أن يأخذ عنه سلعة غائبة. وإذا قلنا: إن ضمان السّلعة الغائبة من بائعها حتى يقبضها مشتريها سالمة لم يتّضح كون الثّمن استقرّ في الذمّة لما يجوز من الطوارىء على السّلعة الغائبة الموجبة لحل العقد. فأمّا كونها موجودة حين العقد فهما معتقدان. الوجود، والمشتري مصدّق في ذلك فكأنّهما دخلا على أن الثمن مقدّر في الذمّة لكن ما يطرأ عليها أمر مجوّز لا أمان لهما منه، فحسن الالتفات فيه إلى حكم الضمان. وقدّر ابن الموّاز أنّ الأصل وجود السّلعة واستصحاب سلامتها يجب، فيقدّر ها هنا أنّ الثَّمن مستقرّ في ذمّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015