عنها مع القدرة عليها من غير كلفة غرر وجهالة بالمبيع، فأشبه ما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيع الملامسة (?). وهو الاقتضار في الثوب المطوي على لمسه خاصّة دون أن يوسف باطنه. ولكن هذا أوضح في الغرر والخطر لعدم الوصف له على التفصيل. وإذا كانت الصّفة لا تحلّ محلّ العيان صار تركها يقتضي العقد على مبيع مجهول، لا سيّما لو كان العقد على جارية فإنّ هذا لاخفاء بأنّ للمشاهدة من الاستحسان أو الاستقباح ما لا يوجد في الخبر أو الصّفة.
وأما إن كان هذا الحاضر مشدودًا في عِدل كما يشدّ التجّار أصْنَاف المتاع في الأعدال العظيمة ويقتصرون في بيع ما (?)، على ما أثبتوه في البرنامج من عدد كل صنف مما اشتمل العدل عليه وصفاته، فإن المذهب في هذا على قولين، المعروف منهما والمشهور جواز العقد على ذلك مقتصرًا فيه على الصفة دون المشاهدة. وقد أشار مالك رضي الله عنه في الموطّإ إلى كون هذا متّفقا عليه عندهم، ولم يزل النَّاس يجيزونه عندهم. وهذا لاتّضاح المشقة فيه، وكون العدل إذا حلّ رباطه ووقف على ما فيه ثوبًا ثوبًا، بعد النّشر لكل ثوب، ثمّ يطوى ويعاد جميع ذلك إلى العدل ويشدّ، فإنّ هذا تُتكلّف فيه المشقة الشديدة، وقد يفسد رونق المتاع ويهجن منظره. فلهذا كان المعروف من المذهب جواز البيع في هذا. لكن ابن شعبان ذكر في مختصر ما ليس في المختصرًا نه لا يجوز البيع على البرنامج ولا سلعة غائبة على مسيرة يوم، وكأنّه رأى أنّ المشاهدة والرّؤية في هذا ممكنة ولا تبلغ المشقّة فيه إلى إباحة ركوب الغرر والاقتصار على الخبر دون المشاهدة والنظر. وكذلك قدّر في مبيع على مسافة يوم من مكان المتعاقدين إن إحضار ذلك لا يشقّ مع قرب هذه المسافة (يوم) ولا تبلغ المشقة فيه إلى العفو عن هذا الغرر الذي هو الاقتصار على الخبر دون المشاهدة والنّظر.