ذهب المغيرة. وقد ذكرنا سبب هذا الاختلاف كله وإسناده إلى افتراق طرق الترجيح بالسبق أو بالقبض وشبهة الضمان ..
لكن مقتضى ما نبهنا عليه من التعليل يقتضي أن من وكل على كراء داره، فعقد الوكيل كراءها وعقده مالكها، وقد عُلم الأول من العقدين، ولكن الذي عقد متأخرًا سكن الدار فإنه لا يكون أحق بها لأجل هذا القبض، لكون ما يأتي من المنافع التي يطلب المكتري الأول أخذها لم تخلق ولم تقبض، فعادت المسألة إلى كون الأول أولى إذ لم يقبض الثاني. وأيضًا فإن ضمان المنافع من رب الدار. فما ذكرناه في السلعة المقبوضة من كون الضمان من قابضها مرتفع ها هنا. لكن نزل هذا السؤال وأنا حاضر مجلس الشيخ أبي الحسن المعروف باللخمي، رحمه الله، فأفتى يكون الساكن أولى وإن تأخر عقده. ورأى سكناه شبهة على ما يقتضيه المشهور من المذهب عنده. وذكر أن بعض أصحابه خالفه في هذا لأجل ما ذكرناه من فقدان الضمان للمنافع بخلاف الأعيان التي تضمن بالقبض مع كون القبض لما سيخلق من المنافع غير حاصل الآن.
وذكر أن الشيخ أبا القاسم السيوري، رحمه الله، ورد جوابه بموافقة ما ذهب إليه طردًا لأصل المذهب. ورأى أدب سكنى الساكن حيازة وقبض يوجب ترجيح جانبه كما يترجح جانبه بقبض الأعيان.
وهذه المسألة في النكاح والبيع قد تسند إلى ما اختلف فيه أهل أصول الفقه من ورود النسخ في الأحكام من الله، سبحانه، هل يتحقق حكمه عند نزوله وإن لم يبلغ المكلف. اقتضى هذا أن تصرف الوكيل وعقوده بعد أن عزل لا تنفذ، وإن لم يعلم بالعزلة، فكذلك يجب ها هنا إذا عقد رب السلعة بيعها، ثم عقد وكيله بيعها من رجل آخر ولم يعلم ما صنعه ربها، فإن عقده مردود، ولو قبض السلعة من عقد منه الوكيل، لكون عقده كلا عقد. فهو قد عزل بعقد ربها عليها وإن لم يعلم الوكيل.
وإن قلنا: إن حكم النسخ لا يتحقق إلا إذا بلغ المكلفَ، فها هنا عقد ربها