يكون الثاني أولى لترجيح جانبه بالقبض، وكون هذه السلعة لو هلكت في يديه وقد قبضها بعقد معاوضة لكان ضمانها منه والضمان شبهة وترجيح يوجب أن يقويه بذلك. وهذا هو المشهور من المذهب والمنصوص في المدونة.
وعلى هذا يجري الأمر في امرأة عقد عليها ولياها، وقد وكلت كل واحد منهما على العقد، فإن الأول أولي بها إذا لم يدخل بها أحدهما لترجيح الأول بالسبق، إلا أن يدخل بها الثاني، وهو غير عالم بأنه قد تقدم فيها عقد. ولو ثبت أن الذي عقد منه من الوليين علم بأنه قد تقدم فيها عقد، فإن المسألة فيها قولان أيضًا: المشهور من المذهب أن الزوج الثاني الذي دخل بها أولى لحرمة الفروج والاطلاع عليها. وذهب محمَّد بن عبد الحكم إلى أنّ الأول أولى، وإن في خل بها الثاني، لكون الأول قد ملك عصمتها بوجه صحيح. وقد حرم الباري تعالى ذوات الأزواج بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} (?)، وإذا كانت قد حرم العقد عليها فلا يؤثر ذلك علم العاقد أو جهله في وجوب فسخ عقده، كما لا يؤثر العقد على الرضيعة مع الزوج، علم الزوج بذلك أو جهله، في وجوب فسخ عقده. وقد ذكرنا عن المغيرة أنه ذهب إلى أن المشتري الأول أحق، وإن قبض المشتري الثاني السلعة، لكنه ها هنا وافق الأكثر من أصحابنا على أن الزوج الثاني أحق إذا دخل بها، لعظم لحرمة الاطلاع على الفروج وانتشار الحرمة في النكاحات. فصار في مجموع المسألتين ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الثاني أولى إذا قبض السلعة أو دخل بالزوجة. وهذا هو المشهور من المذهب.
والثاني: أن الأول أولى وإن دخل الثاني وقبض السلعة. وإليه ذهب محمَّد بن عبد الحكم.
والقول الثالث: التفرقة بين النكاح والبيع فيكون الزوج الثاني أولى بالزوجة إذا دخل بها. ولا يكون المشتري الثاني أحق بالسلعة وإن قبضها وإليه