شرح التلقين (صفحة 2092)

يدعي الضياع فيبرأ، فصدق ها هنا في وجه الحكم (ألا يصدق فيه) (?) لما كان قادرًا على أن يدعي وجهًا آخر يصدق فيه وهو ضياع ما استأجره.

فإذا أحطت علمًا بحكم دعوى الرد لغير من دفع إليه أو لمن دفع إليه فإنه قد يقع في النفس إشكال: فيمن التقط لقطة فزعم أنه ردها لمستحقها، وأنكر مستحقها أن يكون قبضها منه. أو هبت الريح بثوب ألقته في دار إنسان فزعم أنه أعاده إلى مستحقه. لأن هذا لم يدع أنه زد ذلك لمن دفعه إليه، ولا يدعي أنه رده أيضًا للشخص الذي دفعه إليه. فذهب أبو حامد الإسفرائيني إلى أنه لا يصدق؛ لأن مستحق هذا لم يدفعه إليه فيصدق في الردّ عليه. وهذا الذي قاله لا يسلم له، أما عند من اعتبر قدرة الإنسان على التخلص بدعوى الضياع فلا خفاء، بأن هذا مصدق، لكونه مصدقًا في ضياع اللقطة وما ألقته الرياح عنده.

وأما من لا يعتبر هذا فإنه لم تدفع ذلك إليه يدٌ فيلزمه أن يرد إليها، لأن على اليد ما أخذت حتى تؤديه. مع كونه محكمًا في الشرع في هذه المسألة بأن يسمع الصفة والوكاء، والوعاء. فإذا تبين له صدق المدعي دفع ذلك إليه. بخلاف ما سواه من الحقوق التي لم يحكمه الشرع فيها.

وها هنا قسم ثالث: وهو أن يأمر رجل رجلًا بأن يأتيه بمال له عند رجل، فيزعم الرسول أنه قد أتى به للمرسِل، ويكذبه المرسل. فهذا فيه قولان: أكثر أهل المذهب على أن الرسول مصدّق في إبراء نفسه، ولكن الدافع إليه لا يصدق لكونه دفع هذا المال لغير من دفعه إليه، فعليه الإشهاد على ما حكيناه من المذهب المشهور.

وذهب مطرف أنه لا يصدق إذا ناكره المرسل بعد أيام يسيرة، ويصدق بعد الشهر ونحوه مع يمينه. وبعد الزمن الطويل يصدق بغير يمين لكونه عنده مع الطول لا يمكن في العادة أن يؤخر المرسل ما عنده.

ولو مات الرسول بحدثان الاقتضاء لطُلبت تركته. وبعد مدة هو فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015