الاحتياط وحذرًا من المخالفة والنزاع وحسمًا لمادة الخصام. كما قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (?). ومحمل هذا عند فقهاء الأمصار على النَّدْب والاستحباب. ونحن إنما صدقنا الوصي في الإنفاق إذا كان اليتيم في كفالته فإنه هو المنفق عليه، ولا ظاهر (?) ولا مشقة في الإشهاد على دفع مال اليتيم. وكنا حكينا عن الموازية فيمن في يده شيء على جهة الأمانة بإشهادٍ، أنه يصدق في دعوى الرد، لقدرته على دعوى الضياع فيصدق، والوصي مصدق في دعوى الضياع. فطرد ما ذكرناه من التعليل يقتضيه تصديقه في الدفع لليتيم. ولكن هذا لم يتعرض إليه أحد من أصحابنا. وهكذا الحكم عند أصحاب الشافعية أن المذهب عندهم على قولين: فيمن أُمِر بالدفع إلى غيره ولم يقل له: اقض عني الدين. واعتلّوا لأحد القولين عندهم في تصديق الوكيل: أنه قادر على أن يدعي الضياع فيصدق في ذلك، ولا يكذب في دعواه الدفع. وهذا في الأمانات التي في يده. وأما ما هو دين عليه من غير بينة فإنه يقدر أيضًا على جحوده فيكون القول قوله، فلا يكذب في دعواه (وجه آخر) (?). وطردوا على التعليل في المطالبة بالإشهاد على رد المال إلى مستحقه، فقالوا: إذا كان دين بالإشهاد فمن حق من هو عليه ألاّ يدفعه إلا بأن يشهد مستحق الدين على نفسه بأنه قد صار ذلك إليه. إذ لا طريق لمن الدين عليه بالتخفص منه إلا بالإشهاد. فلو كان الدين بغير إشهاد لم يلزم مستحقه أن يشهد على نفسه عند قبضه لكون من هو عليه يمكنه أن يبرَأ منه بجحوده من الأصل فيصدَّق مع يمينه ولم يعتبروا كون اليمين يشق عليه، فيكون من حقه لأجل ذلك الإشهاد.
وهذه الطريقة التي سلكوها تنظر عندنا إلى ما وقع في الموازية في تصديق من ادعى رد شيء استأجره بحضرة بينة أنه مصدق في الردّ لكونه قادرًا على أن