شرح التلقين (صفحة 2057)

وعمدة أصحابنا أنّا، وإن سلمنا حمل لفظ الوكالة على العموم، فإنّا قد اتفقنا على أن النصّ على التقييد لا يجوز للوكيل مخالفته. فإذا لم يُقيَّد، وكان العرف يقوم مقام النص على التقييد، وجب أن يُمنَع الوكيل من مخالفته، أيضًا ألا ترى أن المالك لسلعة إذا باعها بمائة دينار ولم يَصِفْ سكّتها، وفي البلاد سِكك مختلفة، أن البيع فاسد. وإذا نص على سكة بعينها صحّ البيع. وإن لم ينصّ، وكان العرف البيع بسكة معينة، فإن البيع صحيح، لكون العرف يقوم مقام النص على تعيين سكة من هذه السكك.

ويقول أصحابنا، أيضًا: لا نسلم كون بيع العرض بالعرض بيعًا على الإطلاق، بل هو بيع من وجه وشراء من وجه، وإنما البيع المطلق بالدنانير والدراهم التي هي أثمان مختصة، فذلك هي عندنا علة الربا فيها خاصة.

والعقود تختلف أسماؤها باختلاف أوصافها. فإذا كان العرض بيع بدنانير أو دراهم على الحلول، سمي بيعًا. وإن كان العرض مؤجلًا في الذمة، سمي ذلك سَلمًا. وإن كان العرض معجلًا والدنانير أو الدراهم مؤجلة، سمي بيعًا بدين.

وبيع العرض بالعرض ليس أحدهما بأن يُسمّى ثمنًا والآخر مثمونًا بأحقّ بذلك من صاحبه.

وأبو حنيفة يجيب عن هذا بأنه قد حصل حقيقة البيع في من وكّل رجلًا على بيع عرض, لأن المراد أن ينقل ملكه من هذا العرْض بعوَض، وقد حصل هذا المراد، وحصلت التسمية. وإنما يعرض ما أشرتم إليه (من حكم، وأما) (?) فنفس العقد يقتضي تسمية هذا بيعًا.

ومما يعتمد عليه أصحابنا وأصحاب الشافعي قياس الوكالة في البيع على الوكالة على الشراء. وقد اتفقوا على أن الوكيل على الشراء ليس له أن يزيد على ثمن السلعة التي اشتراها زيادة خارجة عن العادة. وكذلك إذا وكل على بيعها فليس له أن ينقص من الثمن المعتاد فيها. وكذلك في جنس الثمن، وحلوله وتأخيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015