إلى غيره، كما لو مات فإن ذلك لا يورث عنه، لكن إذا منعه الجنون من التصرف ثم عاد إليه عقله فأراد أن يبقى على التصرف الذي كان له قبل الجنون فإنه يمكّن من ذلك إذا كان الموكل حاضرًا ولم يعزله. وإن كان غائبًا فلم يعلم بجنونه فيعزله فإن ذلك أيضًا لا يمنع من تمكينه من التصرف لكون الموكل أذن له بالتصرف، مع جواز القواطع له عن التصرف، فأشبه الجنونُ شغلًا قطع الوكيل عن التصرف.
وأما إن كان الجنون طرأ على الموكل فإن الأظهر، أيضًا، كونه يمكن من التصرف. كوديعة أودعها من جنّ قبل جنونه لا تنتزع ممن هي في يديه إذا حسن المودع. بخلاف أن يموت الموح فينتزعها الورثة. لكن لوطال زمن الجنون به طولًا يفتقر معه إلى نظر السلطان في ماله، وأن يقيم له من يتصرف فيه، فإن هذا قد يدخل فيما ينظر له، على حسب ما بيناه في كتاب بيع الخيار.
وبين صاحبي أبي حنيفة، محمَّد وأبي يوسف، اختلاف في رقة الوكيل، هل توجب عزلته أم لا؟ والأظهر عندي أنه لا ينعزل بذلك, لأنه إنما يحجر عليه لأجل الردة في مال نفسه لأنه قد يصير للمسلمين، وأما قال غيرهِ فلم يتعلق به حق للمسلمين يوجب الحجر، إلا أن يُعلم أن مقتضى العادة أن الموكل لا يرضى بتصرفه في ماله وقد ارتدّ، فيكون ذلك مما يوجب منعه من التصرف.
وكذلك لو وكل زوجته ثم طلقها، فإْن الطلاق لا يوجب عزلتها، إلا أن يُعلم أن الموكل لا يرضى بتصرفها مع انقطاع ما بينهما من المودة والعصمة.
وكذلك لو وكل عبده ثم أعتقه، فإن بين أصحاب الشافعي خلافًا في انعزاله لأجل العتق، لأجل أن وكالة الإنسان لعبده كأمر له بخدمته، واعتاقه له يرفع وجوب إنفاذ أوامره لأجْل أنه لا يقدر على جبره على الخدمة في ماله. ولا يقدر على ذلك في الزوجة وغيرها من الأجانب.
وكذلك لو وكل عبده ثم باعه، فإن للمشتري أن يمنعه من التصرف لبائعه. لكنه لو أذن له فيه لكان في ذلك قولان عند أصحاب الشافعي، لأجل ما