إذا طلق قبل الدخول لزمه نصف العوض، وبعد الدخول يلزمه جميع العوض وهو الصداق. فلو كان له رفع النكاح من غير غرامة لأمكن أن يلحق بالعقود اللازمة من طرف دون طرف.
وكذلك يحسن عندي أن يقال في الشركة وأن حقيقتها مبايعة، ولكن لكل واحد من الشريكين أن يدعو إلى المفاصلة، فتُحلّ الشركة. وإنما ملك في هذا قطع الاستدامة وهو الاتصال.
فإذا تقرر هذا فإن الوكالة من العقود الجائزة من جانب الموكِّل لأنه إنما ينوّب عنه الوكيل لا لحق نفسه ومنفعتها إذا كانت الوكالة بغير عوض بالحق الموكل ومنفعته، وله أن يمتنع من هذا الانتفاع، قياسًا على الوديعة فإن له ارتجاعها بإجماع لما كان حفظها في يد المودع حقٌ له لا حقٌ عليه.
وهذا ما لم يتعلق بالوكالة حق للوكيل أو لغيره، فإن تعلق بالوكالة حق للوكيل مثل أن تكون الوكالة بعوض فإنها تكون إجارة، فإنه لا يمكن الموكل من عزلة الوكيل. أو تتصور للوكيل منفعة من غير جهة المعاوضة. أو يكون في ذلك حقٌ لغير الوكيل فلصاحب الحق أن يمنع الموكل من عزل الوكيل. كما لو وكّل رجل رجلًا على مخاصمة إنسان، فإنه إذا أراد عزلته بعد أن نشب في خصام المطلوب وأشرف على الانفصال، فإن الموكل يُمنع من عزلته إذا منع من ذلك المطلوب، إلاّ لِعذر، كمرض الوكيل أو سفره، أو عجزه عما وُكل عليه، أو تفريطه فيه تفريطًا يخشى على تلف حق الموكل معه.
وأما الطرف الآخر، وهو الوكيل، فإنه في حقه من العقود الجائزة، أيضًا، على ما ذكره ابن القصار من كون الوكيل له أن يعزل نفسه. وبعض أشياخي يرى أن المسألة تتخرج على القولين في الهبة، هل تلزم بالقول ويمنع الواهب من الرجوع عنها وإن لم تقبض، أو يكون للواهب الرجوع عنها قبل أن تقبض, لأن الوكيل وهب حركاته وتصرفاته لمن وكله فمنع من الرجوع عن ذلك، كما يمنع من الرجوع عن سلعة وهبها، إذ لا فرق بين هبة المنافع وهبة الرقاب.