من أهل البلد، كان الضّمان منه. وإن كان بخلاف ذلك كغريب فقير، كان الضمان من البائع. فقدّر أنّ المشتري إذا كان مليًّا معروفًا، فإبقاء السلعة بيد البائع إنّما كان باختياره، فصار كمودعها عند بائعها. وإذا كان فقيرًا مِمّن يمنع منه حتّى يدفع الثّمن، صار المنع منها من قبل البائع، وكان ضمانها منه. ولهذا قال في هذه الرّواية: وإن كان البيع إلى أجل عشرة أيّام أو نحوها كان الضّمان من البائع, لأنّها كالرّهن.
وهذه الإشارة إلى كونها كالرّهن هي طريقة ابن القاسم في المحبوسة بالثّمن. فإنّ مالكًا اختلف قوله في عبد بيع وحبس بالثمن، فقال مرّة: هو من البائع. وهو اختيار أشهب. وقال مرّة أخرى: هو من المشتري. وهو اختيار ابن القاسم، وأجراه مجرى الرّهن. ولكن ابن القاسم اختار من قولي مالك في سلعة حاضرة بيعت وحبست بالثّمن كونَها من المشتري. واختار من قولي مالك في سلعة غائبة بيعت كون ضمانها من البائع. وإن كان مالك قد اختلف قوله فيهما، هل ضمانهما من البائع أو من المشتري؛ وكان بعض أشياخي يعتذر عنه في اختلاف اختياره من قولي مالك في هاتين المسألتين الحاضرة والغائبة، بأنّ الغائبة يستحيل تسليمها والتّمكين منها بفور العقد، فتعلّق ضمانها بالبائع، والسلعة الحاضرة تسليمها بفور العقد ممكن غير ممتنع، فيحسن اعتبار مضيّ زمن التّسليم في هذا (كما يستحيل التّمكين فيه) (?). بخلاف بيع الغائب الّذي يستحيل التّمكين فيه بفور العقد.
ومن الأشياخ من يسلك طريقة ثالثة سوى ما قدّمناه من اعتبار بعض أشياخي تعلّق الحكم بالعقد أو القبض واعتبار غيره لمقدار المناولة. فقال: إن أحد قولي مالك في هذا العبد المحتبس بالثّمن أنّ ضمانه من بائعه إنّما بني الجواب فيه على أنّ الرّهن يضمن ولو كان حيوانًا وممّا لا يغاب عليه. وكأنّه
يشير بهذا إلى حصول الاتّفاق على كون الضّمان من المشتري. ويسند الخلاف