ولو كان اختلافهما بأن ادّعى كلّ واحد منهما الخيار لنفسه دون صاحبه، فإنّه اختلف في ذلك أيضًا.
فقيل: يتحالفان، ويحكم لمن أراد إمضاء البيع دون من أراد ردّه.
وقيل: يتحالفان، ويحكم لمن أراد ردّه دون من أراد إمضاءه.
وقال ابن الموّاز: القول قول من أراد إمضاء البيع.
وهذا الإختلاف راجع إلى ما قدّمناه، هل يقبل قول من ادّعى البتّ؟ فيقضى ها هنا لمن أراد الإمضاء على طريقة ابن القاسم. وإليها أشار ابن الموّاز, لأن من أراد الإمضاء، صار كمدّعي البتّ. لكن ابن الموّاز لمّا رأى أنّ أحد المتبايعين إذا ادّعى الخيار، وادّعى الآخر البت، فإنّ مدّعي البت يصدق مع يمينه عند ابن القاسم، ولا يستحلف مدّعي الخيار إذ لا فائدة في يمينه، إذا حلف مدّعي البتّ، أجاب ها هنا بأنّ الإقتصار على تحليف مدّعى الإمضاء خاصّة.
وقد أشار بعض حذّاق الأشياخ إلى أنّه لا وجه لما وقع ها هنا من أنّهما يتحالفان.
وعلى طريقة أشهب يكون القول قول من أراد الرّدّ, لأنّه إذا اختار الرّدّ، صار حين اختياره كمدّعي انعقاد البيع على خيار، ومن ادّعى انعقاد البيع على خيار لم يؤخذ عنده بأكثر مِمّا أقرّ به، لأجل ما قدّمناه، لا سيما إذا قلنا: إنّ بيع الخيار محلول حتّى يعقد بالإمضاء، فإنّ هذا يقتضي أنّ مدّعي الخيار ما أقرّ ببيع، ولا عقد قطُّ، فلا تقبل دعوى أخري عليه في ذلك. والّذي أشار إليه بعض الأشياخ من كون استحلافهما جميعًا لا وجه له. وأشار إلى أنّه يمكن أن يراد بالقول: يتحالفان، أنّ أحدهما يحلف، ولكن لمّا كانت يمينه باستدعاء صاحبه، وباختلاف وقع بينهما فيما اتّفقا على ثبوته واختلفا في محمله وهو الخيار، صارت يمين أحدهما يحسن العبارة عنها بالتّحالف.