والجواب عن السؤال السابع أن يقال: إذا عقد البيع على خيار رجل ثالث غيرِ المتعاقدين، فإن ذلك جائز عند جمهور الفقهاء. وذهب ابن حنبل إلى المنع من ذلك.
وذكر بعض أصحاب الشّافعي أنّ المنع هو أحد الوجهين عندهم في مذهبهم.
وقد روى أصبغ عن ابن القاسم أنّه لا يحجبه اشتراط خيار الثّالث.
وذكر ابن الحارث عن سحنون أنّه رأى في بعض الكتب أنّ ذلك لا يجوز وهو مفسوخ.
وكأن ابن حنبل ومن وافقه قدّروا أنّ بيع الخيار رخصة لأجل ما قدّمنا ذكره من العلل، والشّرع إنّما ورد بإباحة الخيار للمتعاقدين لحاجتهما إلى ذلك، ولا حاجة بثالث غير المتعاقدين إلى إثبات الخيار له، فوجب المنع لفقد العلّة الموجبة للتّرخيص للمتعاقدين.
ونحن نتعلّق بعموم قوله عليه السلام: "المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلاّ بيع الخيار" (?). ولم يقيّد الخيار بل استثناه مطلقًا في كلّ أحد، فاقتضى عمومه جواز هذا إلاّ ما خرج بدليل.
وأيضًا فإنّ الحاجة قد تمس إلى إسناد الخيار لرجل ثالث، لكون من أسند الخيار له من المتعاقدين غير بصير بالقيمة ولا بالمبيع، فتدعوه الضّرورة إلى إسناد هذا لغيره، كما جازت الوكالة لحاجة المالكين لمن ينوب عنهم في التصرّف في أملاكهم بالبيع والشّراء والأخذ والإعطاء.
وإذا تقرّر جواز هذا على الجملة، فإنّا نشترط أن يكون هذا الثّالث، المسند هذا الخيار إليه، حاضرًا أو قريب الغيبة بحيث يستعلم ما عنده في أمد يجوز أن يجعل أجلًا لهذا المبيع على الخيار.
فإذا كان بعيد الغيبة ووقف إمضاء البيع على إجازته أو ردّه، صار هذا