المدوّنة فيمن اشترط النّقد واطّلع على عيب قديم، وحدث عنده عيب، أنّ القيمة تجب، ولم يعتبر فيها الأكثر والأقلّ كما اعتبر ذلك في البيع بشرط.
وأشار البراذعي في تمهيده إلى أنّ هذا كالمخالف لما ذكره ابن سحنون. وهكذا ذكر بعض الأندلسيين أنّ هذا بخلاف البيع بشرط السلف، فإنّ العقد لا يصحّ بإسقاط شرط النّقد في بيع الخيار.
وإذا تقرّر حكم اشتراط النقد، فإنّ التطوّع به بعد العقد جائز. إلاّ أن يؤدّي ذلك إلى ممنوع وهو الوقوع في معاوضة عن دين بتأخير، ومضاهاة فسخ الدّين في الدّين. فإذا عقد سلمًا على خيار اليوم واليومين، وهو ما يجوز تحديدها في الخيار في هذا، كتحديد تأخير رأس المال السلم، فإنّه لا يجوز اشتراط تأخيره أيّامًا كثيرة, لأنّه بعد هذه الأيّام إذا أمضاه من له الخيار فيه، قدّر كأنّه لم يزل ماضيًا من حين العقد، وتأخير (?) رأس مال السلم فيه أيّامًا كثيرة.
فإذا عقد الخيار في السلم على هذا الوجه الجائز، فإنّه لا يجوز التّطوّع بالنّقد برأس المال، لكون هذا التطوّع بالنّقد إذا أمضي عقد السلم بعد التّطوّع به، وقد كان لمن أمضاه أن يفسخ البيع، صار إمضاؤه العقد كأخذ ما أسلم فيه عن دين، وهو ما تطوّع بنقده.
لكنّ بعض أشياخي لم ير المنع من هذا يقتضي فسخ العقد إذا وقع وردّ ما أمضاه من السلم، لكون هذا إنّما نقد على أن يكون في الذّمّة ثمنًا لما أمضى من السلم، فلا يحلّ هذا محلّ دين ثبت في الذّمّة غير متعلّق بالسلعة المأخوذة عنه بعد طول زمن.
وعلى هذا الأسلوب يجري منع التطوّع في جارية عليّة بيعت بالمواضعة.
وشرط فيها الخيار، أو سلعت غائبة اشتريت على البتّ، أو منافع اكتريت بشر الخيار، على حسب ما كنّا قدّمناه من بيان طريق ابن القاسم في منعه أخذ هذه الأشياء عن ديون مستقرّة في الذمّة.