اشتراط النّقد في بيع الخيار، لكون من اشترى سلعة بالخيار واشترط البائع عليه أن ينقده ثمنًا، فإنّ هذا المنقود متردّد بين أن يكون ثمنًا، إن أمضى المشتري الشّراء، أو يكون سلفًا إن ردّ ما اشتراه. وهذا ممنوع اشتراطه، لكون السلف متحقّقًا. فإذا وضّح علّة المنع من هذا وأنّه يجري من جهة المعنى مجرى البيع والسلف، فإنّا كنّا قدّمنا أنّ البيع بشرط السلف فيه اختلاف: هل يصحّ البيع إذا أسقط السلف أم لا يصحّ؟ على ما تقدّم بيانه؟.
وقد اضطرب المتأخّرون في هذه المسئلة الّتي نحن بصددها، هل يجري ترقب السلف مجرى تحقّقه؟ فيقال، فيمن باع بالخيار واشترط النّقد: إنّه (?) أسقط اشتراطه، صحّ البيع، كما يصحّ، على ما ذكره في المدوّنة، في اشتراط السلف في عقد البيع.
فذكر ابن سحنون أن اشتراط النّقد في بيع الخيار لا يجوز، وهو كالبيع والسلف. وظاهر هذا يقتضي أنّ اشتراط النّقد إذا أسقط صحّ البيع على المذهب المشهور في بيع وقع بشرط السلف، وإن كان بعض الأشياخ حمل هذا على أنّ مراده بهذا التّشبيه كون السلف قد قبض، وهو إذا قبض لم يصحّ إسقاط الشّرط، على حسب ما كنّا قدّمنا ذكره وما قيل فيه. وهذا من هذا المتأوّل إشارة إلى استبعاد تصحيح البيع إذا أسقط فيه شرط النّقد، وكأنّه يقدّر أنّ الفساد ها هنا في نفس الثّمن بجملته، والفساد إذا كان من نفس الثّمن، لم ينصلح البيع بإزالة الفساد من الثّمن. كمن باع سلعة بثمن إلى أجل مجهول كموت زيد، فإنّ البيع فاسد وإن عجّل الثّمن لمّا كان الفساد في جملة نفس الثّمن، كما قدّمنا ذكر هذا في موضعه، واشتراط السلف معنى خارج عن الثّمن والمثمون، فحسن أن يصحّ العقد بإسقاط الشّرط.
ومن المتأخّرين من يشير إلى تصحيح هذا البيع إذا أسقط البائع اشتراط النّقد تعلّقًا بظاهر كلام ابن سحنون. وقد نوقض هؤلاء بما وقع لابن القاسم في