شرح التلقين (صفحة 1747)

وقعت الحصاة من يده، ووقت وقوعها من يده مجهول، فكذلك يجب أن يكون خيار المجلس إذا علق انعقاد البيع فيه على أمر مجهول وقته، وينبغي أن يمنع كما منع بيع الحصاة.

ومنهم من أشار إلى الإستدلال بالعمل من طريقة أخرى. فقال يحيى ابن أكثم: قد أجمع المسلمون على أنّ المشتري لا يجوز له إذا اشترى شيئًا على أنّ الخيار فيه للبائع، أن يتصرّف فيه تصرّفًا يتلفه. ثمّ اتّفقوا على أنّ المشتري من الساقي ما يشربه، أو المشتري طعامًا يأكله له أن يشرب الماء ويأكل الطّعام، وإن لم يفارق من باع ذلك منه. ولو كان لبائع الماء والطّعام خيار في فسخ ذلك، لحرم على المشتري شرب هذا الماء وأكل هذا الطّعام.

وسلك غيره هذه الطّريقة معتمدًا فيها على ظاهر القرآن، فقال: قال الله جلّ ذكره {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ...} (?) الآية. والتّجارة تحصل بعقد البيع باللّفظ وإن لم يفترق المتبايعان. وهذا الظّاهر يقتضي إباحة الأكل حينئذ. فلو كان الخيار للبائع ما أُبيح الأكل. وعلى هذا الأسلوب يجري الإستدلال بأنّه عليه السلام نهى عن بيع الطّعام قبل أن يستوفى (?). فدلّ ذلك على أنّه إذا استوفي، جاز بيعه وإن لم يفترق المتبايعان. ولو كان الخيار للبائع لم يجز للمشتري أن يبيع طعاما الخيار في فسخه.

وعلى هذه الطّريقة من الإستدلال يستدلّ بقوله عليه السلام: "من باع عبدًا وله مال فماله للبائع إلاّ أن يشترطه المبتاع" (?). فاقتضى هذا كون المشتري يملك هذا المال بمجرّد اشتراطه وإن لم يفارق بائعه، والملك لا يحصل إلاّ بعد انبرام البيع وانعقاده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015