شرح التلقين (صفحة 1694)

أبي حنيفة، العقد عليه، لكونه غير مقصود إلى التّخاطر فيه. ويستدلّ على الأجرام المأكولة وأحوالها وهي في أكمامها. ومنع الشّافعي من هذا. وقال الأصطخري من أصحابه وغيره: بجواز العقد على القول وهو في غُلُفِه العليا.

وردّ الشّافعي هذا بأنّ اللّحم منع من بيعه وهو مغيب في جلوده، مع كونه قد يعرف سننه من هزاله بالجسّ، فأحرى أن يمنع هذا في القول لكونه لا طريق له إلى معرفة علم ما في باطنه من صفة القول وجرمه وصفته الّتي يختلف الثّمن باختلافها إذا انكشف له. واستدلّ المجيزون بأنّ الأعصار مضت في سائر الأمصار على ترك إنكار البيع لهذا في غلفه العليا، فصار هذا كالإجماع. وأشار بعض أصحاب الشّافعي، في الاعتذار عن هذا، إلى أنّ هذه أمور قد تقع على جهة التّساهل في هذا, ولا يكون التسهّل فيه كالنّصّ على جوازه، ألا ترى أنّ أصحاب أبي حنيفة يمنعون الإجارة على تعلّم القرآن، وهم ينفرون أولادهم إلى المكاتب.

وهذا انفصال لا يقنع به. ولو صحّ الإجماع من سائر العلماء على فعل هذا من قوم وترك إنكاره من آخرين، لكان ذلك حجّة في الجواز, لأنّا لو لم نقل بذلك لكانت الأمّة أجمعت على الخطإ بين ناطق به وساكت عن إنكاره.

وأمّا شراء القمح في سنبله وهو قائم على سوقه، فإنّ ذلك جائز عندنا، وعند الشّافعي في أحد قوليه. ومنعه في قول آخر.

واستدلّ من قال بالجواز بما وقع في الحديث: "أنّه نهى عن بيع القمح في سنبله قبل أن يبيضّ" (?). جاز (?) ذلك بعد أن يبيض، وقياسًا على بيع الشّعير في سنبله وهو قائم على سوقه.

ومن منع ذلك رأى أنّه مبيع في كِمامه الّتي يصحّ ادّخاره دونها، فأشبه عنده بيع القول في كمامه.

وهذا حكم بيع القمح في سنبله وهو قائم على سوقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015